الخميس-06 نوفمبر - 06:12 م-مدينة عدن

ما هي معضلة الهروب من القرنين .. أو النفي بالإطراق

الخميس - 06 نوفمبر 2025 - الساعة 03:39 م بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتي " اديب فضل




.. معضلة الهروب من القرنين (Horns Dilemma) هي أسلوب جدلي ومنطقي قوي، يُستخدم للرد على سؤال أو حجة تفرض خيارين فقط (مغالطة "إما/أو"). الفكرة الأساسية هي أنك لا تختار أحد الخيارين، بل تظهر أن كلا الخيارين يقودان إلى نتيجة غير مرغوب فيها أو غير منطقية بالنسبة للطرف الذي طرحهما.

التسمية تأتي من صورة ذهنية لثور له قرنان، بغض النظر عن أي قرن تمسك به، ستنتهي بأن تتعرض للضرر.

... كيف تعمل؟ خطوة بخطوة

.. يقوم الخصم بطرح مغالطة "إما/أو": يقدم خصمك حجة تبدو معقودة على خيارين فقط (مثال: إما X صحيح، أو Y صحيح).
... أنت لا ترفض الخيارين فحسب، بل "تمسك بالقرنين": بدلاً من رفض السؤال أو اختيار أحد البديلين، تقبل مؤقتًا كلا الخيارين على حدة، ثم تظهر العيب أو النتيجة السلبية في كل منهما.
... النتيجة: تثبت أن طرح السؤال بهذه الطريقة الثنائية خاطئ من الأساس، لأن كلا المسارين الممكنين يؤديان إلى إبطال حجة الخصم أو إلى استنتاج غير مقبول.

.. لماذا تُستخدم بالتحديد ضد مغالطة "إما/أو"؟

مغالطة "إما/أو" (False Dilemma) تختزل مشكلة معقدة في خيارين فقط، متجاهلة وجود خيارات ثالثة أو رابعة أو وجود تداخل بينهما.

معضلة القرنين هي الرد الكلاسيكي والأقوى على هذه المغالطة، لأنها:

... لا تهرب من السؤال، بل تواجهه مباشرة: لا تقول ببساطة "هناك خيارات أخرى"، بل تظهر أن السؤال نفسه معيب حتى لو اقتصرنا على خياراته المحدودة.
... تقلب الطاولة على الخصم: بدلاً من أن تكون في موقف المدافع الذي يجب أن يختار بين بدائل سيئة، تصبح أنت المهاجم، وتظهر أن الخصم هو من وقع في مأزق بطرحه مثل هذه الخيارات.
... تكشف العيب الجوهري في المنطق: تثبت أن الإطار الذي وضعه الخصم للجدل هو إطار فاشل، حتى داخل شروطه الخاصة.

... شرح بواسطة مثال توضيحي

... الموقف: يناقش سياسي حول حرية التعبير والأمن القومي.

الخصم (باستخدام مغالطة إما/أو):
.. "إما أن نسمح بالمراقبة الكاملة للاتصالات لحماية البلاد من الإرهاب، أو أن نترك حرية التعبير مطلقة وندمر أمننا القومي."

هنا، الخصم يحصرك في خيارين: المراقبة الكاملة أو .. الفوضى وانهيار الأمن ..

.. ردك (باستخدام معضلة الهروب من القرنين):
"حسنًا، دعنا نفحص خياراتك:

.. القرن الأول: إذا فرضنا مراقبة كاملة كما تقترح، فهذا يقوض مبادئ الديمقراطية والخصوصية التي ندافع عنها، وسيخلق مجتمعًا بوليسيًا يخاف فيه الأبرياء. إذن، خيارك هذا يدمر الحريات التي نحاول حمايتها.
القرن الثاني: إذا تركت الحرية مطلقة بدون أي رقابة .. (وهو ما لم أطالب به)، فقد نعرض الأمن للخطر حقًا.

.. الاستنتاج: بما أن كلا الخيارين الذي تطرحهما غير مقبولين – أحدهما يدمر حريتنا والآخر يعرض أمننا للخطر – فإن سؤالك نفسه خاطئ. الحل الحقيقي يكمن في نقطة متوازنة بينهما، مثل وجود رقابة قضائية وضوابط صارمة لحماية الأمن مع احترام الخصوصية."

... ما الذي حدث في هذا الرد؟

... أمسكت بالقرن الأول (المراقبة الكاملة) وأظهرت كيف يؤدي إلى نتيجة سيئة (مجتمع بوليسي).
... أمسكت بالقرن الثاني (الحرية المطلقة) ووافقت على أنه سيء (يهدد الأمن)، مع التأكيد أن هذا ليس موقفك الأصلي.
... خلصت إلى أن الإطار الثنائي نفسه هو المشكلة، ودفعت بالنقاش نحو أرضية أكثر تعقيدًا وواقعية.

... خلاصة

معضلة الهروب من القرنين هي سلاح جدلي فعال لتفكيك الحجج المبسطة والمضللة.
هدفها الرئيسي هو مواجهة مغالطة "إما/أو" من خلال إظهار أن الخيارين المطروحين – حتى في أسوأ تفسيراتهما – يقودان إلى مأزق أو نتيجة غير مرغوبة.
.. قوتها تكمن في أنها تستخدم إطار الخصم نفسه لهزيمته، مما يجعل الرد مقنعًا وقويًا من الناحية المنطقية...

متعلقات