من هنا يبدأ سقوط الدول ، من طفل يبيع البيض في منتصف الليل، على رصيف، يندب حظه، ويبكي واقعه...!!

الأحد - 12 أكتوبر 2025 - الساعة 02:42 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتي " متابعات : ولبد شمسان




من هنا يبدأ سقوط الدول ، من طفل يبيع البيض في منتصف الليل، على رصيف، يندب حظه، ويبكي واقعه...!!

ها هو الطفل...
طفل يبيع البيض في ليل جاثم على صدره مثل صخرة!
يجلس عند حافة الرصيف أمام (إنماء الجديدة) يحتضن ما تبقى من بضاعته كأنها آخر ما تبقى من عمره.
الساعة تجاوزت الحادية عشرة والنصف ليلا،
المدينة نائمة، إلا وجعه!
هل تعلمون ما الذي يعنيه أن يبيع طفل البيض في هذا الوقت؟
يعنيه أن بيتا ينتظر عشاء لم يصل!
ان أما متعبة تغفو على أمل عودته !
أن فقرا ساهرا لا ينام!
يعنيه أن طفولته سرقت في وضح النهار، وأن كرامته تسحق كل ليلة تحت عجلات المركبات الفارهة التي تمر امامه!
بينما هناك في مكان آخر من ينهبون المليارات من دخل البلاد! يختلفون على نسب النهب، لا على حقوق الناس!
يتقاتلون على المناصب كما تتقاتل الضباع على الجثث!
ولا يرون هذا الطفل!
لو أن أحدهم مر به وراى عينيه المنطفئتين، لأستحى من لقمة أكلها دون وجه حق، لكنهم لا يرون، لأنهم ببساطة لا يشعرون!
فمن يسكن القصور لا يسمع أنين الأرصفة،
ومن يشكو من التخمة لا يسمع أنين الجياع!
هذا الطفل لا يلعن الليل، بل يلعن البلاد التي سلمت مفاتيحها للصوص، ويهمس في قلبه الصغير (لماذا ولدت هنا؟) ولماذا علي ان أكون رجلا واغادر طفولتي؟
يا وجع البلاد!
كم طفلا مثل هذا يختبئ في زوايا المدن المظلمة؟
كم يد صغيرة تكسر على أرصفة الظلم وحواري القهر؟
وكم ضمير فاسد يغط في نوم عميق على سرير السلطة؟
شيء ما يموت فينا كلما مرت مثل هذه الصورة.
شيء ما يختنق في ضمير البلاد!
وكل صمت على وجعها خيانة.
يا وجع البلاد.
حين تسقط الدول لا تسقط فجأة، بل تبدأ من هنا، من طفل يبيع البيض في منتصف الليل، على رصيف، يندب حظه، ويبكي واقعه، ويلعن الدولة.

متعلقات