الثلاثاء-24 يونيو - 04:11 ص-مدينة عدن

الرجل الذي راهن بثروته على ثقب في الصحراء... وخسر كل شيء ليثبت الحقيقة!

الإثنين - 23 يونيو 2025 - الساعة 11:33 م بتوقيت العاصمة عدن

" عدن سيتي " متابعات : عبدالرحمن فضل النقيب




الرجل الذي راهن بثروته على ثقب في الصحراء... وخسر كل شيء ليثبت الحقيقة!

في أوائل القرن العشرين، وتحديدًا عام 1903، وقف رجل يُدعى دانيال بارينجر في وسط صحراء أريزونا، يتأمل حفرة عملاقة يلفّها الغبار والدهشة.

هذه الفوهة، التي يبلغ عرضها أكثر من كيلومتر وعمقها 170 مترًا، حيّرت العلماء لعقود. كان معظم الجيولوجيين – بمن فيهم الخبير الشهير غروف كارل غيلبرت – مقتنعين بأنها ناتجة عن نشاط بركاني قديم.

لكن بارينجر، مهندس التعدين الشغوف بالفضاء والمعادن، رأى في الحفرة شيئًا آخر…
جُرحًا في الأرض تركه زائر من السماء.

قال بارينجر بثقة :

> "هذه الفوهة ليست بركانية... إنها ضربة من نيزك عملاق، من الحديد الخالص، اصطدم بالأرض بسرعة لا يمكن تصورها."

ضحك منه الجميع. سخر العلماء. وقالوا له: "أين النيزك إذن؟ لو كان هناك نيزك بهذا الحجم، لوجدناه!"

لكن بارينجر لم يكن رجلاً يُثنيه الشك أو الاستهزاء.
قرر أن يُثبت نظريته... مهما كلّفه الأمر.

في خطوة جريئة، اشترى بارينجر الأرض المحيطة بالحفرة بالكامل، وضخّ فيها ثروته الشخصية. أسس شركة، وظف عمالًا، وجلب معدات حفر ثقيلة، وبدأ رحلة البحث عن النيزك المدفون.

كان يعتقد أن كتلة الحديد والنيكل العملاقة لا بد أن تكون مستقرة في أعماق الحفرة، بانتظاره لانتشالها.
عامًا بعد عام، استمر في الحفر... وحفر... وأنفق الملايين.
لكنه لم يجد سوى شظايا صغيرة من الحديد، وبعض الغبار المعدني، وحتى ألماسًا مجهريًا – وكلها دلائل تؤكد أن ما وقع هنا لم يكن انفجارًا بركانيًا، بل أثر تصادم كوني عنيف.

تبين لاحقًا أن النيزك، لحظة الاصطدام، كان يتحرك بسرعة تزيد عن 40,000 كيلومتر في الساعة، وقد تبخّر بفعل الحرارة الهائلة لحظة الارتطام، دون أن يترك كتلة صلبة خلفه.

في عام 1929، تو*في دانيال بارينجر. فقيرًا، محطّ*مًا ماليًا، ومُهمّشًا من المجتمع العلمي الذي لم يعترف يومًا برؤيته.

لكنه لم يكن مخطئًا.

في الستينيات، وبعد تطور تقنيات دراسة آثار الصدمات النيزكية، استخدم العلماء أدوات جديدة لتحليل الصخور حول الحفرة. وبتفاصيل لم يكن يحلم بها أحد، أثبتوا أن الفوهة هي بالفعل ناتجة عن اصطدام نيزك من الحديد بالكرة الأرضية.

لقد كان بارينجر على حق طوال الوقت.
لكن الحقيقة جاءت متأخرة... بعد أن دفن حلمه مع جسده.

قصة دانيال بارينجر ليست مجرد مغامرة علمية، بل ملحمة إنسانية عن الشغف، الإصرار، والإيمان بالفكرة، حتى وإن وقف العالم كله في الاتجاه المعاكس.

لقد خسر كل شيء… المال، الاعتراف، الحياة الهادئة.
لكنه ترك لنا دليلًا حيًا في قلب الصحراء…
فوهةٌ ما زالت قائمة حتى اليوم، تُعرف عالميًا بإسم :
– فوهة بارينجر Barringer Crater

متعلقات