القيادي الجنوبي الرمز خالد مسعد علي.. مجدٌ يتكلّم بلغة النضال
الأحد - 09 نوفمبر 2025 - الساعة 10:38 م بتوقيت العاصمة عدن
عدن " عدن سيتي " كامل القاضي : تقرير
في سجل الثورة الجنوبية الممتد من صهيل ردفان إلى سواعد الضالع، يتجلّى القيادي الرمز خالد مسعد علي كواحدٍ من أعظم رموز الكفاح، رجلٌ لم يُخلق للترف ولا للراحة، بل وُلد في رحم المعاناة ليُعيد تعريف معنى البطولة والوفاء للوطن.
إنه ليس صفحة في تاريخ الجنوب فحسب، بل فصلٌ كامل كُتب بدماء الرجولة وعنفوان المبدأ، وبحبرٍ من الكبرياء الذي لا يبهت ولا يُشترى.
منذ لحظة السقوط في صيف 1994، كان القيادي الرمز خالد مسعد واقفًا على بوابة الكرامة، يقاتل وحيدًا في زمن الانكسار، ويؤمن أن الأوطان لا تُصان بالتصريحات بل بالدماء. لم يُغوِه مالٌ، ولم تُرعبه جيوش، ولم تُغلق في وجهه دروب الجبال ولا قسوة الليل، لأنه كان يرى في كل عتمةٍ فجرًا جنوبيًا آتيًا لا محالة.
هو من رجال “حتم” الأوائل، حين كانت المقاومة فكرةً تُولد من رحم الخطر، فكان من صُنّاعها الأشداء، من الذين آمنوا أن الجنوب لا يعيش إلا حرًا، ولا يُحكم إلا بإرادة أبنائه.
ومنذ أول رصاصةٍ أطلقها ضد المحتل، تحوّل إلى رمزٍ يُخيف خصومه ويُلهم رفاقه، قائدٍ لا ينام على الهزيمة ولا يهادن في الحق، مطارَدٌ لكنه شامخ، مجرّد من الامتيازات لكنه مُتخم بالعزة، محكوم بالإعدام لكنه حيّ في ذاكرة كل جنوبي حرّ.
حين اندلعت شرارة الحراك الجنوبي عام 2007، كان خالد في الميدان، يقود المسيرات كما يقود المعارك، يهتف بوعيٍ ثوريٍّ نادر: أن الجنوب لن يُعاد عبر صناديق الاقتراع المزيفة، بل عبر صمود الرجال الذين لا يركعون إلا لله. فكان صوتًا للحقيقة، وبندقيةً للكرامة، يجمع بين الثورة السلمية وروح الفداء المسلح، ليُثبت أن الكلمة والطلقة، حين تخرجان من قلبٍ صادق، تصنعان النصر معًا.
قاد تمرداتٍ أرعبت المحتل، من عملية قرض حجر إلى معركة باجة - حجر، حتى أصبحت أرض حجر - أرضه التي يعرفها جبلًا جبلًا - أول منطقة جنوبية تتحرر من وجود الاحتلال العسكري. جعل من بندقيته منبرًا، ومن صمته بيانًا، ومن حضوره رسالةً أن الجنوب لا يُهزم ما دام فيه رجالٌ من طينة القيادي الرمز خالد مسعد.
سنوات المطاردة لم تكسره، بل صقلته.
الحرمان لم يُطفئ فيه الإيمان، بل زاده صفاءً.
التهديدات لم تزرع فيه الخوف، بل أيقظت فيه جبلاً من الصبر والثبات.
ظلّ يقاتل بماله وسلاحه وغنائمه، ويُعيل أسرته من عرق الجهاد، لا من عطايا أحد. وحين هبّت حرب 2015، كان في الصف الأول يقود المعارك و المقاتلين في سناح والضالع، و العند و عدن وغيرها من مناطق الجنوب، مؤمنًا أن الجنوب لا يُحرّر إلا بأيدي أبنائه. قاتل حتى النصر، ورفع راية الجنوب على أطلال العدو. ثم عاد في 2019 ليواجه المليشيات الحوثية مجددًا، بنفس الروح، بنفس اليقين، وبنفس الجسارة التي لا تعرف التراجع.
القيادي الرمز خالد مسعد ليس مجرد قائدٍ ميداني، بل ضمير ثوريّ حيّ يجسّد معنى الوفاء للهوية والكرامة. رجلٌ عاش بين الموت والخذلان، فاختار أن يعيش واقفًا، وأن يُدفن - متى شاء القدر - منتصرًا.
رمزٌ لم تُلوثه السياسة، ولم تُغره المناصب، لأنه كان يرى في الجنوب مشروع شرفٍ لا مشروع سلطة، ويرى في التحرير عهدًا مقدسًا لا شعارًا سياسيًا.
ولأن التاريخ لا يخلّد إلا النادرين، فقد كتب اسم القيادي الرمز خالد مسعد علي في سجل الخلود، لا كقائدٍ فقط، بل كـ معنى من معاني الجنوب نفسه؛ معنى الكبرياء، والإصرار، والولاء الذي لا يتبدل.
إنه الصوت الذي لا يصمت، والرمز الذي لا يبهت، والعَلَم الذي يرفرف فوق كل هامات الانكسار.
هو خالد لأن اسمه خُلق من الخلود، ومسعد لأن وجوده كان سعادة الجنوب في زمن الأحزان، وعليّ لأن كرامته لا تعرف الانحناء.
سلامٌ على هذا القائد الجنوبي الشامخ،
سلامٌ على رجلٍ جمع بين الصبر والمجد، بين التضحية والإيمان،
سلامٌ على خالد مسعد علي - الرمز الذي لا يُكرَّر، والبطل الذي لا يُقارن.