الثلاثاء-04 نوفمبر - 02:01 م-مدينة عدن

كيف ميز أفلاطون ب " اسطورة الكهف " فكرته عن المعرفة والجهل ...؟؟

الثلاثاء - 04 نوفمبر 2025 - الساعة 08:48 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتي " اديب فضل




( كهف أفلاطون )

لتوضيح فكرته عن المعرفة والجهل، يقدم أفلاطون أسطورة الكهف: يصور أفلاطون مجموعة من السجناء ولدوا داخل كهف مظلم، مقيدين بحيث لا يرون سوى جدار أمامهم، فيما تشتعل خلفهم نار خافتة تلقي بظلال الأشياء التي تمر أمامها—حيوانات، نباتات، وأدوات—فتتشكل على الجدار صور مشوهة يظنونها الحقيقة المطلقة. هذا هو عالمهم، واقعهم الوحيد، وكل ما وراءه غير موجود بالنسبة لهم.

لكن حين تكسر قيود أحدهم ويدفع إلى الخارج، يواجه صدمة الضوء الأولى؛ فالشمس تحرق عينيه، والواقع الجديد يربكه. يتعثر في فهم الأشكال الحقيقية بعد أن اعتاد على ظلالها، فيدرك شيئًا فشيئًا أن ما كان يراه طوال حياته لم يكن سوى انعكاس باهت لعالم أكثر أصالة. ومع مرور الوقت تتكيف عيناه، ويبدأ وعيه بالتفتح كزهرة خرجت من العتمة إلى السطوع. هذه اللحظة تمثل ولادة جديدة: ولادة الفكر الحر، والانعتاق من قيود التصورات المزيفة التي نسجها الجهل والخوف والعادة.

غير أن المأساة لا تكتمل إلا عندما يعود هذا السجين المستنير إلى الكهف ليخبر الآخرين بما رأى. هناك، حيث العقول لا تزال مكبلة، يقابل بالسخرية والعداء، ويُنظر إليه كمجنون أفسدته الشمس. فالسجناء الآخرون يفضلون أمان الظلال على قسوة الحقيقة، ويخشون ما قد يزعزع ثبات عالمهم الوهمي.

هكذا أراد أفلاطون أن يبين معاناة الفيلسوف في مواجهة عمى الجماعة؛ إنه ذاك الذي يرى ما لا يراه الناس، و يدرك أن الحقيقة ليست فيما نراه، بل فيما نعيشه بعقول متحررة من أسر العادة والتقليد. الكهف إذن ليس مكانًا ماديًا، بل رمز لكل قيد يحجب الإنسان عن معرفة ذاته والعالم. والخروج منه هو رحلة الوعي الكبرى التي يخوضها كل من يجرؤ على النظر في ضوء الحقيقة حتى وإن أوجعته.

متعلقات