رسالة الوداع التي تركها "تشي جيفارا" لرفيقه "فيديل كاسترو"، قبيل توجهه نحو إفريقيا ومنها إلى بوليفيا

الإثنين - 16 سبتمبر 2024 - الساعة 05:50 ص بتوقيت العاصمة عدن

" عدن سيتي " متابعات










فيديل:
يحضرني في هذه اللحظة العديد من الذّكريات، عندما تعارفنا في منزل ماريا أنتونيا، عندما اقترحت عليّ المجيء إلى كوبا، في ظلّ التّوترات السّياسيّة.
لقد أدركنا أنّ النتّيجة الحتميّة للثّورة إمّا النّصر أو الموت (إذا كانت صادقة). وما زال العديد من الرّفاق عند الثغور بتوقون لذلك.
أشعر أنّني قمت بجزءٍ من واجبي تجاه الثّورة الكوبية. أودعك، وأودّع الأصدقاء، وأودّع شعبك الذي أصبح شعبي واتقدّم رسمياً باستقالتي من مهامي أمام إدارة الحزب، من منصبي كوزير، ومن رتبتي كقائد.
وإذا ما استعدت شريط حياتي، أعتقد أنّني قد عملت خلالها بنزاهة وإخلاص لإحراز النّصر الثوري.
ولعلّ الخطأ الوحيد الخطير إلى حد ما، الذي اقترفته هو أنّني لم أثق فيك بشكل كبير منذ اللّحظات الأولى في سييرا مايسترا Sierra Maestra ولم أتفهم بسرعة كافية قدراتك القيادية والثورية.
لقد قضيت أيّاماً رائعة وشعرت بجوارك بفخر الانتساب إلى شعبنا في الأيام المضئية والحزينة. وأشعر بالفخر أيضاً لأنّك استمريت بدون أن تهتزّ، وتميّزت بأسلوبك وتفكيرك ورؤيتك الثاقبة للأخطار والمبادئ.
هناك أراضٍ أخرى في هذا العالم تنتظر مشاركتي وجهودي المتواضعة.
سأقوم بما ترفضه أنت نظراً لمسؤولياتك تجاه كوبا ولقد حانت لحظة انفصالنا.
أشعر بمزيج من السّعادة والألم ، فسأرحل من هنا تاركاً أنقى أحلامي وأحبّ الأشخاص... وسأترك شعباً تقبلني كابن؛ وهو ما يعزّ عليّ ويؤلمني.
في البلاد الجديدة، سأحمل معي اليقين الذي غرسته فيّ، والرّوح الثّورية لشعبي والشّعور بالالتزام تجاه أقدس الواجبات؛ محاربة الأمبرياليّة أينما وجدت؛ وهو ما يقوّي ويشفي بشدّة كلّ الجروح.
أكرّر أنّني قد تحرّرت من أيّة مسؤولية تجاه كوبا، ما عدا ولائي الأبدي لها.
إذا ما وافتني المنية في أرضٍ أخرى، فاعلم أنّك كنت وستكون والشّعب الكوبي في وجداني حتّى آخر نفس.
أتوجه إليك بالشّكر على تعاليمك وعلى كونك نموذجاً سأحاول أن أُخلص له حتى آخر أيامي وفي كل أعمالي. لقد كنت وسأظلّ أشيد دائماً بالسّياسة الخارجية لثورتنا. أينما أكون سأشعر بمسؤولية كوني ثورياً كوبيّاً.
لن أترك لأولادي ولزوجتي أشياءً مادية ولا يحرجني هذا؛ يسعدني ذلك.
لن أطلب شيئاً لهم لأني أعلم أنّ الدّولة الكوبية ستعطيهم ما يكفيهم من أجل العيش والتّعلّم.
لديّ الكثير كي أقوله لك ولشعبنا، لكنّني أشعر بعدم جدوى ذلك، فالكلمات لن تعبّر عمّا أريده، ولن يفيد استهلاك المزيد من الحبر.
إلى النّصر دائماً، الوطن أو الموت
ولك منّي عناق ثوري دافئ.
تشي 1965

متعلقات