صدمات الحرب تثقل نفوس السُّودانيين.. من القلق الى الموت خوفا

الجمعة - 03 مايو 2024 - الساعة 03:00 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن سيتي _متابعات





الصراع العسكري بالسُّودان، بنتائجه المُروِّعة من قتل، اغتصاب، اختطاف، نزوح، لجوء، تهجير قسري، جوع ومسغبة وغيرها. تلك الأحداث المُرعبة، حفرت سلباً في نفوس السُّودانيين. فيما كشفت مصادر رسمية لوزارة الصحة بالسودان ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض النفسية. وعزت المصادر أسباب الارتفاع إلى الحرب التي دخلت عامها الثاني.
وأكدت رميساء وتسكن مع أسرتها بالخرطوم لـ"العربية.نت" أنّ نفسياتهم باتت في الحضيض، فالخوف والقلق لا يفارقهم بسبب "الدانات" العشوائية والرصاص الطائش، التي تنهمر فجأةً ودون سابق إنذار، وقالت "فقدنا الإحساس بالأمان، الموت يحوم حولنا باستمرار وفي أي لحظة، مع دوِّي المدافع وأصوات الرصاص، وحتى إن كُتبت لك النجاة، فمن الممكن أن تكون الضحية التالية في إحدى المرات القادمة". وأضافت: "هناك جانبٌ آخر يتمثل في غلاء الأسعار مع زيادة مُعدّلات الفقر والعوز بعد اندلاع الحرب وهذا يزيد نفسياتنا المحطمة سوءاً".
صدمة الحرب
إلى ذلك، أكد المواطن سمير محمد علي الذي يقطن في إحدى المناطق الآمنة نسبياً لـ"العربية.نت": "الحرب أثرت بشدة، خاصّةً من مناطق النزاع المسلح بالخرطوم، الجزيرة ودارفور، لديهم إحباطٌ شديدٌ، بعد أن فقدوا منازلهم ووظائفهم ووقعوا تحت وطأة صدمتين، صدمة الحرب، وصدمة شظف العيش، بعد لجوئهم لدور إيواء المواطنين الفارين من جحيم الحرب. أما الذين لم ينزحوا، فقد تأثّـروا بغلاء الأسعار، جميعهم يعيشون في ضيق يتجلى في معاملاتهم اليومية".
البصمة النفسية
قد أظهرت دراسات علمية أنّ الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الحرب أو يفرون عنها مُعرّضون بشكل عام لخطر المعاناة من الاضطرابات النفسية والعصبية.
بينما قالت صفاء الأصم "أخصائية علم النفس" إنّ الحرب غيّـرت البصمة النفسية لدى أغلب السودانيين حتى الذين كانوا بالخارج، إذ تعرّض أغلب السودانيين لضغوط نفسية مُتصاعدة، لا تنحصر في نوبات الهلع والتوتر الملازمة لاستخدام الأسلحة، بل لاستخدام أسلحة مدمرة للأعصاب كالاغتصاب والسرقات والتعدي، وعلمياً تُعد من أخطر أسلحة دمار الإنسان.
أما فئة الشباب، فإنّ لهم نصيباً عظيماً أيضاً من نوبات القلق والتوتر والعجز المصاحب لتبدل الأوضاع وعدم التوافق النفسي مع واقع جديد. أما الأطفال فلديهم اضطرابات كالبكاء الشديد والخوف والهلع والتبول اللا إرادي، وهؤلاء يستطيعون العودة بالتدريج بأقل خسائر نفسية".
الوفاة خوفاً
في السياق، قالت الاختصاصية الاجتماعية ثريا إبراهيم لـ"العربية.نت"، إنّ "الآثار النفسية والاجتماعية أثناء وبعد الحرب كثيرة وتختلف من شخص لآخر، حسب الفروق وقوة التحمُّل. ونستطيع أن نؤكد أن تلك الآثار المدمرة للحرب تشمل كل الفئات الاجتماعية" نساءً، رجالاً وأطفالاً". والخوف والهلع من أقسى المشاعر أثناء الحرب، ويمكن أن يؤديان للوفاة في بعض الأحيان، وقد شهدنا حالات من هذا النوع في الحرب الدائرة حالياً بالبلاد".


وتحدثت أيضاً عن" الانتهاكات المُروِّعة ومنها الاغتصاب الذي اُستخدم على الدوام كسلاح بالمعارك، وعادةً ما تنتج عنه اضطرابات نفسية شديدة للضحايا، خاصّةً عند حدوث الحمل وعندها يصبح الدعم والتأهيل النفسي والاجتماعي للضحايا صعباً جداً. كذلك النازحون واللاجئون الفارون من جحيم الحرب وويلاتها، لا أعتقد أنهم في مأمن من الاضطرابات النفسية والعصبية، فهناك أشخاصٌ لا يستطيعون نسيان ما حدث لهم وفقدان الأهل والأقارب وتدمير المنازل والممتلكات مهما حاولوا. وحقيقةً نحن أمام تحدٍ كبير جداً، لأن الآثار المدمرة لم يتم الانتباه إليها ومعالجتها حتى الآن".
وتابعت قائلة: "وفي السنوات القادمة ستُواجهنا تلك الأزمات الإنسانية وسنكتشف مرارتها إذا تأخّـر التأهيل النفسي والاجتماعي للناجين داخل أو خارج البلاد".
وختمت الاختصاصية الاجتماعية حديثها لـ"العربية.نت": إن ما يعيشه الأشخاص بعد اشتعال الحروب والنزاعات من تهديد بالموت، ومخاطر التعرُّض للإصابات الجسدية والعنف وفقدان الأهل والأقارب وتدمير المنازل والممتلكات، وصولاً إلى التهجير والعيش في ظروف بالغة التعقيد، مع نُذُر المجاعة التي كشّـرت عن أنيابها، يعرضهم دون شك للإصابة بالصدمات النفسية أو ما يُعرف بصدمة الحرب، التي لا تقتصر على المدنيين وحدهم، إنّما تطال حتى المُحاربين الذين يشهدون حالات الموت الجماعي والأشلاء والدمار والخراب

متعلقات