الأربعاء-24 ديسمبر - 12:08 ص-مدينة عدن

العليمي في حالة هلع سياسي: بيانات متلاحقة لكبح زحف الإرادة الجنوبية

الثلاثاء - 23 ديسمبر 2025 - الساعة 10:20 م بتوقيت العاصمة عدن

تقرير "عدن سيتي" صبري عبيد



في مشهد يعكس حالة ارتباك سياسي متصاعدة داخل مجلس القيادة الرئاسي، تتوالى بيانات وتصريحات الرئيس رشاد العليمي بوتيرة غير معتادة، في محاولة واضحة لاحتواء الزخم الجنوبي المتصاعد، بعد أن تحوّلت مطالب شعب الجنوب من حراك شعبي إلى موقف سياسي معلن، مدعوم بمؤسسات ووزارات وقيادة جنوبية موحدة يتقدمها الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي. هذا التصعيد الخطابي السريع لا يعكس، وفق مراقبين، قوة الدولة بقدر ما يكشف عن حالة قلق وهلَع سياسي أمام واقع جديد بات يفرض نفسه بقوة على الأرض.

وخلال أقل من 48 ساعة، أصدرت رئاسة مجلس القيادة الرئاسي سلسلة بيانات وتصريحات متلاحقة، حذّرت فيها مما وصفته بـ«الإجراءات الأحادية» التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي، ولوّحت باتخاذ إجراءات قانونية وإدارية بحق مسؤولين ووزارات عبّرت عن مواقف سياسية داعمة لمطالب شعب الجنوب. ويرى محللون أن هذا التسارع في الخطاب الرسمي يعكس رد فعل مباشر على اتساع دائرة التأييد الشعبي والرسمي للقضية الجنوبية، وليس نتاج رؤية سياسية متماسكة أو حلول واقعية للأزمة.

اللافت في خطاب العليمي أنه جمع بين التأكيد المتكرر على «عدالة القضية الجنوبية»، وبين التحذير من أي خطوات سياسية تعكس هذه العدالة على أرض الواقع، في تناقض اعتبره مراقبون دليلًا على مأزق سياسي واضح تعيشه رئاسة مجلس القيادة. كما أثار تحميل وزارات ومؤسسات خدمية مسؤولية «المساس بوحدة القرار» تساؤلات واسعة حول استخدام مفهوم الدولة كأداة ضبط سياسي، بدلًا من كونه إطارًا وطنيًا جامعًا للتعبير عن تطلعات المواطنين.

في المقابل، يؤكد المشهد الجنوبي أن ما يجري لم يعد مجرد مطالب احتجاجية أو مواقف ظرفية، بل تحوّل إلى مسار سياسي متقدم، يستند إلى التفاف شعبي واسع، وواقع أمني وإداري متماسك نسبيًا، وقيادة سياسية واضحة المعالم. وقد شكّل الدعم العلني من مؤسسات ووزارات جنوبية لمطالب شعبها مؤشرًا واضحًا على انتقال القضية الجنوبية من هامش الخطاب السياسي إلى مركز الفعل والتأثير.

ويرى متابعون أن تشدد رئيس مجلس القيادة تجاه شركائه في معسكر الشرعية يقابله غياب خطاب مماثل بالقوة نفسها تجاه مليشيات الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء، وتنتهك السيادة، وتعرقل أي مسار سلام حقيقي، وهو ما يضعف مصداقية التحذيرات الرسمية، ويكشف ازدواجية في إدارة الأولويات والصراع.

ويحذر مراقبون من أن الاستمرار في مقاربة القضية الجنوبية عبر البيانات والتحذيرات، بدلًا من الحوار السياسي الصريح، سيؤدي إلى تعميق الفجوة بين الجنوب ومجلس القيادة، ويعيد إنتاج أزمات سابقة فشلت في احتواء تطلعات شعب الجنوب. فالقضية الجنوبية، كما يؤكد الجنوبيون، ليست خلافًا إداريًا ولا ملفًا عابرًا، بل قضية شعب وهوية ودولة، لا يمكن معالجتها بلغة التهديد أو الإجراءات القانونية.

وأمام هذا المشهد، تبدو رئاسة مجلس القيادة أمام اختبار حقيقي: إما التعامل مع القضية الجنوبية كحقيقة سياسية وإرادة شعب لا يمكن تجاوزها، أو الاستمرار في سياسة الإنكار والتصعيد الخطابي، بما تحمله من مخاطر سياسية وأمنية. وفي كل الأحوال، بات واضحًا أن الجنوب دخل مرحلة جديدة، يصعب فيها احتواء تطلعاته بالبيانات وحدها، وأن الإرادة الجنوبية باتت واقعًا سياسيًا لا يمكن تجاهله.


إعداد: صبري عبيد

متعلقات