الثلاثاء-23 ديسمبر - 09:57 ص-مدينة عدن

اليمن بين نار الانقسام وصمت العالم

الثلاثاء - 23 ديسمبر 2025 - الساعة 07:55 ص بتوقيت العاصمة عدن

تقرير "عدن سيتي" خاص



تشهد اليمن تطورات خطيرة تستحق اهتمامًا دوليًا عاجلًا، في ظل تصاعد الصراع في الجنوب وتفاقم الانقسام بين حلفاء الأمس. فقد أطلق المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات عملية عسكرية سريعة، تمكن خلالها خلال أيام من السيطرة على مناطق استراتيجية في حضرموت والمهرة، إضافة إلى جزيرة بريم في مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم.

وبهذه التحركات، بسط المجلس الانتقالي نفوذه على معظم مناطق جنوب اليمن. في المقابل، ردت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمدعومة من السعودية بحشد عشرات الآلاف من القوات استعدادًا لهجوم مضاد، ما يجعل اندلاع مواجهات واسعة أمرًا شبه مؤكد.

وفي ظل هذا التصعيد العسكري، خرجت تظاهرات واسعة في مدن الجنوب تطالب بالانفصال، وسط توقعات بإقدام المجلس الانتقالي على إعادة إعلان استقلال جنوب اليمن، الذي كان دولة مستقلة حتى عام 1990.

ولا تقتصر خطورة هذه التطورات على الداخل اليمني فقط، بل تمتد آثارها إلى الأمن الإقليمي والاقتصاد العالمي. فالتنافس المتزايد بين الإمارات والسعودية في اليمن يضعف تحالفًا إقليميًا مهمًا في مواجهة نفوذ إيران، ويفتح الباب أمام جماعة الحوثي لتعزيز نفوذها واستعادة قوتها العسكرية.

كما يهدد تدهور الوضع الأمني حركة الملاحة الدولية، ويعرقل جهود شركات الشحن العالمية لاستئناف نشاطها في البحر الأحمر بعد التهدئة في غزة. وفي الوقت ذاته، قد تستغل تنظيمات متطرفة مثل القاعدة في جزيرة العرب حالة الفوضى للعودة إلى الساحة، خاصة في محافظات جنوبية تشهد فراغًا أمنيًا متزايدًا.

ورغم خطورة المشهد، يقابل المجتمع الدولي هذه التطورات بقدر كبير من التجاهل. فالولايات المتحدة لم تمارس ضغوطًا حقيقية على حلفائها لاحتواء الأزمة، كما اكتفت الأمم المتحدة بدعوات عامة لوقف إطلاق النار، دون طرح حلول جذرية للصراع.

ويحمّل المقال الدول الغربية جانبًا كبيرًا من المسؤولية عمّا آلت إليه الأوضاع في اليمن، نتيجة سياسات سابقة تجاهلت جذور الأزمة، وسمحت باستمرار التهميش السياسي والاقتصادي، خصوصًا في الجنوب. وقد ساهم هذا الإقصاء في ظهور قوى انفصالية، وزاد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري.

ويرى المقال أن الحل يبدأ بالاعتراف بمظلومية الجنوب، وفتح حوار سياسي شامل يفضي إلى تقاسم عادل للسلطة والثروة. وعلى المدى البعيد، ينبغي تمكين الجنوبيين من تقرير مصيرهم عبر استفتاء شعبي، سواء بالاستقلال أو بالبقاء ضمن دولة موحدة بشروط جديدة وأكثر إنصافًا.

وفي ظل استمرار المجاعة والدمار، يؤكد المقال أن اليمن لم يعد يحتمل مزيدًا من الصراعات أو التجاهل، وأن معالجة أسباب الحرب بشكل جذري باتت ضرورة ملحّة، لأن اليمن يستحق اهتمام العالم كله.

متعلقات