*الرماد البركاني... مخاطر صحية وإجراءات وقائية عاجلة*
الثلاثاء - 25 نوفمبر 2025 - الساعة 12:23 ص بتوقيت العاصمة عدن
عدن " عدن سيتي " *د. عارف محمد ناجي الحوشبي*
*الرماد البركاني... مخاطر صحية وإجراءات وقائية عاجلة*
مع وصول تأثيرات النشاط البركاني في إثيوبيا إلى أجواء عدد من المحافظات اليمنية بدأ تساقط كميات متفاوتة من الرماد البركاني الذي يحمل في طياته أخطارا صحية وبيئية تستدعي تنبيه المواطنين ورفع جاهزية الجهات الصحية. فالرماد رغم مظهره البسيط يتكوّن من جزيئات دقيقة وحادة قد تضر الجهاز التنفسي والعينين والجلد وتلوث المياه والهواء والغذاء في حال تجاهلت الأسر إجراءات الوقاية الأساسية.
ورغم أن تأثير الرماد قد يبدو محدودا للبعض إلا أن خطورته تظهر عند استنشاقه خصوصًا لدى المصابين بأمراض الربو والانسداد الرئوي والدرن إذ تعد هذه الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات التنفس ولذلك فإن بقائهم داخل المنازل خلال هذه الفترة هو الإجراء الأمثل. كما ينصح الجميع بتجنب الخروج إلا للضرورة والحرص على ارتداء كمامة مناسبة عند الاضطرار للخروج لأن المواد الدقيقة في الرماد قادرة على الوصول إلى أعماق الرئتين والتسبب بتهيج شديد أو نوبات حادة.
وتتعدى تأثيرات الرماد مسألة التنفس لتصل إلى العينين والجلد حيث يؤدي احتكاكه إلى الاحمرار والالتهاب ولهذا يفضل استخدام نظارات واقية وتجنب فرك العين عند دخول الغبار إليها مع غسل الوجه والجلد بالماء فور العودة من الخارج. أما الملابس الملوثة بالرماد فيجب التعامل معها بحذر حيث يُنصح بخلعها خارج المنزل وغسلها بالماء قبل استخدام المنظفات لتجنب تطاير الجزيئات وإعادة استنشاقها.
ومن أكثر الجوانب حساسية خلال موجات الرماد البركاني مسألة مياه الشرب إذ قد تتعرض الخزانات المكشوفة أو البراميل غير المغطاة لتساقط كميات من الغبار قد تغيّر لون الماء أو رائحته. وفي مثل هذه الحالات يجب تغطية جميع مصادر المياه بإحكام وتجنب استخدام أي كمية ملوّثة للشرب أو غسل الوجه خصوصًا للأطفال. وفي حال لاحظ المواطن طبقة من الرماد فوق الماء، فالأفضل تركها لتستقر ثم تصفية الماء أو التخلص منه إذا كانت الكمية قليلة لتلافي أي احتمالات صحية.
كما يشكل دخول الرماد إلى المنازل مصدر إزعاج وخطر صحي ولذلك من المهم إحكام إغلاق النوافذ والأبواب وإيقاف المكيفات التي تستجلب الهواء من الخارج والابتعاد عن تشغيل مراوح الشفط المتصلة بالهواء الخارجي لأنها تساعد في إدخال الغبار إلى داخل المنزل. وتعتبر حماية الطعام جزءا من الوقاية فترك الأطعمة مكشوفة يعرضها للتلوث بجزيئات لا ترى بالعين المجردة.
وفي الطرقات تظهر خطورة أخرى تتمثل في تهيّج الرماد عند حركة المركبات مما يؤثر على السائقين ويقلل من مستوى الرؤية. لذلك فإن القيادة البطيئة والنوافذ المغلقة وتشغيل المساحات بهدوء هي إجراءات ضرورية كما أن رش الماء بقوة فوق الزجاج المغطى بالرماد قد يزيد الأمر سوءا ويتسبب في خدش السطح.
ويبقى التواصل السريع مع الجهات الصحية أمرا حيويًا، فقد خصصت وزارة الصحة الرقم 195 للإبلاغ عن أي حالات تعاني من ضيق تنفس شديد أو تعرض مباشر لكميات كبيرة من الرماد إضافة إلى استقبال البلاغات المتعلقة بتجمعات الرماد أو أي تغيّر في جودة المياه.
إن التعامل الصحيح مع هذه الظاهرة يتطلب وعيًا مجتمعيًا وإجراءات بسيطة لكنها فعالة ونحن في المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني نؤكد استعدادنا لتقديم الإرشادات اللازمة وتحديث المعلومات أولًا بأول سائلين الله السلامة لجميع المواطنين.
*د. عارف محمد ناجي الحوشبي*
*مدير عام المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني*