الأربعاء-29 أكتوبر - 05:50 م-مدينة عدن

شريط من الذكريات مع الفقيد المناضل محمد ناجي سعيد (أبو شفيع)..

الأربعاء - 29 أكتوبر 2025 - الساعة 02:57 م بتوقيت العاصمة عدن

الضالع " عدن سيتي" الدكتور عبده صالح المعطري




اليوم وأنا أقرأ إعلان لجنة إعداد الكتاب عن حياة الفقيد المناضل محمد ناجي سعيد وموعد انتهاء فترة المشاركات وقرب حفل التأبين، مرّ أمامي شريط طويل من الذكريات أعادني إلى أيام ومواقف لا تنسى مع هذا الرجل الاستثنائي.

الحمد لله سبق وأن شاركت في رثاء الفقيد بموضوع سابق مختلف عن هذا وسأنشره كاملًا تزامنا مع حفل التأبين.
أما اليوم فلست أكتب كلاما إنشائيا عن رجلٍ فذّ، بل أستحضر مواقف وذكريات صنعت جزءًا من تاريخنا النضالي.

1999م – ميلاد اللجنة الشعبية وبداية الوعي التنظيمي

كان الفقيد الراحل من أوائل الداعمين لفكرة اللجنة الشعبية، واعتبرها الرافد والحامي والغطاء الحقيقي لحركة "حتم".
دفع بكل قوته وجهده حتى أصبحت هذه الفكرة حقيقة واقعية على الأرض.
قام بالتنسيق مع المناضلين الفقيد أمين صالح محمد والعميد سيف علي صالح لعصل، وطلب مني التهيئة والتحضير لإشهار الانطلاقة.
وفعلًا تم تجهيز المركز الثقافي بالشِّيمة – جحاف في العاشر من رمضان عام 1999م، بحضور نخبة من أبناء الضالع وقيادات اللجنة الشعبية، يتقدمهم الفقيد أمين صالح محمد، العميد سيف علي صالح، أحمد حرمل، محمد علي محسن، وغيرهم من المناضلين الذين تكبّدوا عناء السفر، مثل عصام أحمد حسن، عبدالله مقبل السلال، أحمد الزوقري، العميد حسن علي لعرج، علي شائف أحمد، علي العجردي، منصور زيد، الشهيد أحمد الزهيري، وآخرين.
كان ذلك اليوم يوم الإشهار والانطلاقة الحقيقية، وكان بداية اختياري لاحقًا ناطِقًا رسميًا باسم اللجنة الشعبية التي توسعت وأشهرت فروعها في معظم المحافظات الجنوبية.

2007م – الاعتصام المفتوح وبداية الثورة السلمية.

في 24 مارس 2007م، انطلقت شرارة الاعتصام المفتوح للمتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين المسرّحين قسرًا، لتفاجئ الاحتلال اليمني والقوى السياسية كافة، ولتبهر العالم بجرأة نقل المعارضة من الغرف المغلقة إلى الشارع الجنوبي الحر.
استدعاني حينها الفقيد المناضل أبو شفيع إلى منزله المتواضع في مدينة الضالع وقال لي كلمته الشهيرة:
"الكرة الآن في مرماك… اجعل من ساحة الاعتصام منبرا وملتقى لكل أبناء الجنوب.
وهذا ما تم بالفعل فكانت تلك اللحظة نقطة تحول كبرى في مسار الحراك الجنوبي.

2008م – مرحلة التحدي والمواجهة.

بعد الاحتفال بالذكرى الأولى ليوم 24 مارس في ملعب الصمود والمسيرة الراجلة إلى سناح، وبعد الندوة القيادية في سينما الضالع والمهرجان البرتقالي والمسيرة الجماهيرية الكبرى، بدأ الاحتلال يشعر بالخطر الحقيقي، فلجأ إلى القمع ومداهمة مقر الجمعية ونهب ممتلكاتها.

التقيت بعدها بالفقيد أبو شفيع في شوامخ جحاف، حيث وجدنا بين أهلها الحاضنة الشعبية والالتفاف الجماهيري.
منذ ذلك اليوم، لم نفترق ليلًا أو نهارًا، وواجهنا التحدي بالتحدي.
تخيلوا رجلًا في السبعين من عمره، مصابًا بمرض السكري، يمتشق بندقيته ويصعد الجبال جنبًا إلى جنب مع رفاقه من أمثال عبدالله مهدي، متحديًا التعب والمرض، متنقلًا من قرية إلى أخرى:
من الشيمة إلى السمنة – قرية المداد، إلى العدينة، إلى العبل، إلى القرضي، إلى نشمة في بني سعيد، إلى الأزارق وبلاد الشاعري.
في كل محطة كان الفقيد يخطب ويشرح ويدعو إلى الوحدة والاصطفاف الجنوبي.
لم أسمع منه يومًا كلمة تذمر، بل كان إذا شعر بتعبنا، يشحذ هممنا بسرد بطولات فدائيي ثورة 14 أكتوبر 1963م.

الوفاء بالعهد..

استمرت علاقتي وتواصلي مع الفقيد المناضل محمد ناجي سعيد حتى آخر أيامه.
صحيح أننا نشعر بالتقصير في حقه وحق كثير من رفاق الدرب من المرضى والجرحى والمناضلين، إلا أن الظروف والتحولات التي مرّت جعلت القرار والمال خارج أيدينا.
لكننا على يقين أن هذه غُمّة وستزول، وسنستعيد قرارنا ودولتنا، ونفي بعهدنا لمناضلينا الأوفياء.

الخاتمة:

نعاهدك أيها الهامة الوطنية الكبيرة المناضل محمد ناجي سعيد (أبو شفيع)،
أننا على الدرب سائرون، وعلى العهد ماضون، وبالثوابت الوطنية متمسكون، مهما كانت التحديات والمؤامرات.
نم قرير العين ولا نامت أعين الجبناء.
الصورة من الارشيف




بقلم: العميد /الدكتور عبده صالح المعطري

متعلقات