ماذا بعد زيارة الشرع إلى موسكو
الجمعة - 17 أكتوبر 2025 - الساعة 10:45 ص بتوقيت العاصمة عدن
"عدن سيتي "متابعات
حسم الرئيس السوري أحمد الشرع قراره وزار موسكو، الدولة التي بنى زعامته كمعارض لنظام الأسد على سردية الصدام معها في سوريا فيما يبدو اليوم أنه بوارد تثبيت حكمه من البوابة الروسية نفسها وفق سردية تقول بأن الزمن كفيل بطي أي خلاف.
مشت الواقعية السياسية في ركاب الزيارة وبرزت أهمية روسيا للشرع كطرف لامعدى عنه في سبيل استقرار حكمه ودولته فسارع إلى قطع الشك باليقين حين أعلن التزام بلاده بكل الاتفاقيات الموقعة مع روسيا مذ كانت تتزعم الاتحاد السوفيتي في زمن غابر.
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد أكد أن علاقة بلاده مع سوريا هي علاقة مع الدولة بالدرجة الأولى وأن للشعبين حصة دافئة من هذه العلاقة البنيوية التي ترسخت على مدار عقود طويلة الأمر الذي سرع في آلية بسط كل القضايا المتعلقة على طاولة البحث فكان حوار في العلاقات الثنائية والعقود العسكرية ونهوض الجيش السوري مجدداً على حوامل روسية فضلاً عن ملف إعادة الإعمار الذي سيكون للروس دور بارز فيه وفق ما وشت به الصور القادمة من موسكو.
تذليل للعقبات
يرى المحلل السياسي فهد العمري أن خطوة الرئيس أحمد الشرع في التوجه نحو روسيا خطوة شجاعة وتحسب له وتكشف عن مقدار كبير من الحكمة والتعقل وتقديم مصلحة الوطن على كل ما عداها.
وفي حديثه ل " RT" أشار العمري إلى أن الرئيس الشرع درس الخطوة جيداً قبل الإقدام عليها فتبين له أن بناء العلاقات الثنائية بين الدول على أسس عاطفية لا يخدم هذه الدول ويبقي على ظلال كبيرة من الشك بينها ويحول دون الإفادة القصوى من إمكانيات كلا الطرفين تجاه بعضهما وقد تبين للرئيس الشرع أن الحضور الروسي في سوريا حضور تاريخي بنيوي ويتصل بكل القطاعات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية وأن القفز فوق هذه الاعتبارات وفق منطق كيدي ـ حتى لو استند إلى جرح في مكان ما ـ لا يخدم سوريا فروسيا وفق العمري دولة قوية واستعداؤها من دون مقابل ضرب من الجنون وموقفها في مجلس الأمن سلاح لا شك أن السوريين سيحتاجون إليه في ظل ما يتعرضون له من مؤامرات.
وشدد المحلل السياسي على أن تركيز الجانب الروسي على تجديد إتفاق القاعدتين العسكريتين في حميميم وطرطوس قابله توقيع عقود لتسليح الجيش السوري وبخاصة في مجال الدفاع الجوي الذي قامت إسرائيل بتدميره بالكامل عقب سقوط النظام وحالت اليوم دون قيام تركيا بتقديم المساعدة في هذا الشأن في حين أن دولة كروسيا قد تبدو أكثر قدرة على الحد من العربدة الإسرائيلية في سوريا من تركيا التي لا تثق بها اسرائيل.
وأضاف بأن روسيا قادرة على دعم الحكومة السورية في بسط سيطرتها على كامل البلاد والحفاظ على وحدتها فيما يترقب الرئيس الشرع موقفاً قوياً من روسيا في مجلس الأمن يتصل برفع العقوبات عن بلاده وتحريرها من هذه القيود الاقتصادية التي تكبل مسار انتعاشها.
من جانبه يرى المحلل السياسي فراس خليل أن جوهر ما قام به الرئيس الشرع في موسكو هو رغبة دمشق في إعادة تعريف العلاقات بين البلدين على أساس احترام السيادة ووحدة الأراضي مشيراً إلى أن الرئيس بوتين قد لاقى الشرع في منتصف الطريق حين أشاد بإعادة إطلاق اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين .
وفي حديثه لموقعنا أشار خليل إلى أن الجيوش لا يمكن أن تغير من الجهة التي تسلحها بين يوم وليلة والروس تاريخياً ربطتهم علاقات وطيدة مع مؤسسات عسكرية عربية ومنها الجيش السوري الذي تسلح تاريخياً بالسلاح الروسي. فيما سوريا اليوم قد تحتاج إلى أكثر من السلاح الروسي في وجه الطامعين بترابها ولعلها تحتاج وفق خليل إلى تواجد عسكري روسي في الجنوب يقطع الطريق على أي توغل عسكري اسرائيلي ويكون بمثابة الضمانة لكل الأطراف مشيراً إلى أن هذا ما تلقفه الرئيس الشرع بالمعهود من حكمته حين تمنى على الرئيس بوتن إعادة نشر الشرطة العسكرية الروسية في الجنوب السوري لتحاجز ما بين سوريا التي تريد السلام وإسرائيل التي تريد الإحتلال والتوغل كما يقول
وفي مسألة إعادة الإعمار لفت المحلل السياسي إلى أن الشركات الروسية ليست منغمسة في العقوبات المفروضة على سوريا وهي تملك قواما علمياً وتقنيا كبيراً يسمح لها بتقديم نفسها كجهة قادرة على المساهمة في إعادة الإعمار في هذا البلد.
وختم المحلل السياسي حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن زيارة الشرع إلى موسكو أثبتت بما لا يدع أي مجال للشك أن القرار السياسي السوري قرار مستقل ولا يخضع لأية ضغوط خارجية وأن السياسة السورية الحالية قادرة على خلق توازن في العلاقات مع الدول بما فيها تلك المتصارعة منها .
خطوة في الاتجاه الصحيح
الصحفي إياد شربجي كتب على صفحته الشخصية بأن على معارضي الشرع أن يدركوا أن فتح الطريق مع روسيا ليس شيئاً يعيبون السلطة عليه، فهذه هي السياسة في النهاية، وتحكمها المصالح والحسابات، وروسيا دولة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن ولا يمكن ولا يجب معاداتها،
وأضاف "بل انني أرى البراغماتية التي تتمتع بها السلطة في التعامل مع هذه المسألة أمراً حسنا".
رجل الأعمال فراس طلاس وابن وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس كتب على صفحته الشخصية حول زيارة الرئيس الشرع إلى روسيا أنه من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية هي ضرورة للقيادة السورية الجديدة، ومن الممكن الحصول من الروس على غاز ونفط بحسومات كبيرة، وطبعا أميركا لن تسلح سوريا لذلك روسيا جاهزة للتسليح وبناء جيش جديد صغير ومتطور تحتاجه سوريا ، خاصة مع الرفض الاسرائيلي لأي سلام مع سوريا.
وأبدى طلاس بعض التحفظ على ما جرى في موسكو مطالباً الشرع بأن يكون أكثر شفافية "لكن وهنا لكن كبيرة ؛ ورد على لسان الرئيس الشرع أن سوريا ملتزمة بالاتفاقيات مع روسيا ، هنا يجب التوضيح بمنتهى الشفافية لملايين السوريين ، ماهي هذه الاتفاقيات بالتفصيل ، وأيها سيبقى ( وضروري بقاءه ) وأيها سيلغى وضروري إلغاءه".
من جانبها الكاتبة لما الأتاسي دونت على صفحتها الشخصية:
" كنا في حرب و انتصرنا و بعد النصر المنتصر يأخذ ممن انتصر عليه كل شيء حتى حلفائه.. و سوريا انتصرت.. فيما يخص زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع لروسيا لا بد أن نكرر أنه لا مكان للعاطفية عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العليا للدولة السورية. لا توجد علاقات عاطفية بين الدول، الحديث اليوم عن دولة و ليس عن موظف إئتلاف او رئيس مجلس وطني يعمل بالخفاء مع الدول .. المستوى تغير كثيرا و لا بد للشعب أن يتعامل مع الموضوع بطريقة أخرى.. اصبحنا نتحدث عن الدولة السورية و عن موقعها بين الدول ..
بالتالي لا يمكن الغاء دور دولة بأهمية روسيا في مستقبل سوريا لا داخليا ولا خارجياً.. معاداة روسيا يعني دعم التقسيم و ترك الحبل لكل من يطمح بانقلاب و تقسيم لسوريا.. لم تعد السياسية في سوريا كما كانت في عهد الثورة او في عهد الأسد.. أصبحت مسألة مصلحة وطنية و مسؤلية".
ألغام العلاقة مع الغرب
من جانبه يرى المحلل السياسي السوري ابراهيم العلي أن رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع لم يجد ضالته في الغرب الذي يريد كل شيء ولا يهب شيئاً وهذا الأمر جعله يخفف من اندفاعته تجاهه ويختار طرق أبواب روسيا التي يبدو أنه كان قد فتح معها قتوات تواصل منذ مدة ليست بالقصيرة ..
وفي حديثه لـ " RT" أشار العلي إلى أن المشكلة بالنسبة للشرع تكمن في صعوبة قيامه بإبرام علاقة جيدة مع روسيا في ظل الحرب التي تخوضها مع غرب يفرض على الدول تموضعاتها السياسية ويتوعدها إذا فكرت في التغريد خارج سربه
وشدد العلي على أن رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع يعي جيدا هذا الأمر لكنه يمارس نوعاً من البراغماتية السياسية قد يجنبه العقار خصوصاً إذا ما أحسن رسم خطوط مسار حكمه بين ألغام الدول المتصارعة.
وختم المحلل السياسي حديثه لموقعنا بالاشارة إلى أن تسليم الشرع ببقاء القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سوريا ومعهما مطار القامشلي لا يعكس ضعفه بمقدار ما يعكس رغبته في الإفادة من الوجود الأمني والعسكري الروسي في سوريا وفق القوانين الدولية الناظمة للعلاقة بين الدول المستضيفة لهذه القواعد وأصحاب هذه القواعد بحيث يمكنها العمل على مكافحة الإرهاب وتقديم المساعدات الإنسانية على النحو الذي تفعله روسيا في إفريقيا.