الطوفان القادم من إثيوبيا.. انهيار جزئي بسد النهضة يُغرق السودان ويُهدد مصر بكارثة مائية

الخميس - 25 سبتمبر 2025 - الساعة 11:39 م بتوقيت العاصمة عدن

عدن سيتي _متابعات



في مشهد مأساوي يُعيد إلى الأذهان أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدتها القارة الأفريقية، تعرضت إثيوبيا منذ مطلع يوليو 2025 لموجة عنيفة من الأمطار الطوفانية والسيول المدمرة، والتي تسببت في انهيار جزئي بسد النهضة، مخلفة تداعيات إنسانية ومائية وخسائر جسيمة في السودان وخطر بات يهدد جنوب مصر.

وبحسب هيئة الأرصاد الإثيوبية، فإن معدلات الهطول تجاوزت 300 مم خلال أيام معدودة، وهي مستويات غير مسبوقة منذ أكثر من 50 عامًا. وقد أدت هذه السيول إلى تصدعات هيكلية في الجناح الجنوبي من سد النهضة، ما تسبب في تدفق كميات هائلة من المياه دون أي تحكم، وانهيار جدران جانبية في منطقة التخزين.

وأكد مصدر مسؤول بوزارة المياه الإثيوبية في تصريح لوكالات دولية: “حجم الأمطار فاق قدرة أي منشأة هندسية على الصمود، وقد فقدنا السيطرة مؤقتًا على مخرات المياه، ونعمل بالتعاون مع فرق إنقاذ دولية للحد من الأضرار”.

السودان تحت الماء.. ومدن منكوبة

تدفقت المياه الغزيرة من خزان السد نحو السودان، ما تسبب في كارثة إنسانية في ولايات النيل الأزرق وسنار والخرطوم، حيث ارتفعت منسوبات الأنهار بشكل قياسي، وغمرت المياه آلاف المنازل والحقول، وقطعت التيار الكهربائي عن مناطق واسعة. وقد أعلنت الحكومة السودانية حالة الطوارئ القصوى في البلاد.

وقال اللواء عمر عبدالكريم، رئيس غرفة طوارئ الفيضانات بالسودان: “نواجه أسوأ فيضان منذ نصف قرن، وفرق الإنقاذ تعمل ليلاً ونهارًا، لكن حجم الدمار أكبر من قدراتنا، ونحن نناشد المجتمع الدولي سرعة التدخل”.

الخطر يصل إلى مصر.. والسد العالي في حالة استنفار

وفي مصر، رفعت وزارة الموارد المائية والري درجة التأهب إلى القصوى، خصوصًا في محافظتي أسوان والأقصر، لمواجهة أي تدفقات مفاجئة أو ارتفاع منسوب النيل. وقد أكد الدكتور أحمد الراوي، المتحدث باسم الوزارة، أن “السد العالي لا يزال آمناً، وهناك متابعة دقيقة بالساعة لتصرفات المياه وتدفقها جنوب أسوان”.

وأضاف الراوي: “نراقب حركة المياه على مدار الساعة، وهناك تنسيق كامل مع الجهات الأمنية ومراكز إدارة الأزمات في المحافظات الجنوبية، لضمان سلامة المنشآت الحيوية”.

وأفادت تقارير ميدانية بارتفاع غير طبيعي في منسوب النيل في المناطق الحدودية جنوب أسوان، مع تحرك سريع من أجهزة الدولة لتأمين السد العالي والمنشآت الحيوية، ورفع درجة الاستعداد القصوى في المحافظات الواقعة على مجرى النهر.

وتتابع السلطات المصرية والسودانية الوضع عن كثب، وسط دعوات عاجلة لتنسيق إقليمي ودولي لمواجهة الكارثة والحد من تداعياتها، بينما يطالب خبراء بضرورة مراجعة منهج إدارة السدود في إثيوبيا، محذرين من تكرار مثل هذه الكوارث إذا لم يتم الالتزام بالقواعد الدولية في إدارة الموارد المائية.

تحذيرات علمية من تكرار الكارثة

من جانبه، حذر الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة، من أن هذه الكارثة تمثل نتيجة مباشرة لفشل الإدارة الفنية والهيدرولوجية في تشغيل سد النهضة دون تنسيق مع دولتي المصب.

وقال فهيم في تصريح خاص: “غياب الشفافية والتنسيق العلمي في تشغيل السد أدى إلى هذه الفوضى المائية، والمطلوب الآن تدخل دولي فوري لضمان ألا تتحول هذه الحوادث إلى نمط متكرر في المستقبل”.

دعوات لتدخل دولي

على المستوى الدولي، دعت منظمات حقوقية وإنسانية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى إرسال مساعدات عاجلة للسودان، وفتح تحقيق فني دولي محايد في أسباب الانهيار الجزئي للسد، ومدى التزام إثيوبيا بقواعد الأمان والشفافية المائية.

ويُنتظر أن تعقد جامعة الدول العربية اجتماعًا طارئًا خلال الأيام المقبلة لمناقشة تداعيات الكارثة، ووضع آليات إقليمية للتعامل مع أزمات الأنهار والسدود المشتركة.

متعلقات