السبت-02 أغسطس - 11:30 ص-مدينة عدن

بمناسبة حلقة الدحيح عن مارادونا والتي استمرت ساعة، بدأت الحلقة وماشعرت بها إلا عندما خلصت

السبت - 02 أغسطس 2025 - الساعة 12:24 ص بتوقيت العاصمة عدن

" عدن سيتي " سمير القاسمي : متابعات




بمناسبة حلقة الدحيح عن مارادونا والتي استمرت ساعة، بدأت الحلقة وماشعرت بها إلا عندما خلصت وكأنها ثقب اسود من متعة السرد وجمال دييغو.
لم يكن دييغو أرماندو مارادونا مجرد لاعب كرة قدم، بل كان زلزالًا يرتدي القميص رقم 10، يعبر الملاعب كما تعبر العاصفة الحقول، يزرع الدهشة، ويحصد التصفيق، ويرحل تاركًا خلفه الأساطير تلهث.
في أزقة "فيلا فيوريتو" الفقيرة، وُلد الحلم، وركل الطفل التراب قبل أن يركل الكرة، كانت قدماه أكبر من عمره، وكان قلبه مزدحمًا بالطموحات، يركض خلف الكرة كمن يطارد الخلاص، كمن يعرف أن قدميه طريق الخروج من الظل إلى وهج المجد.
مارادونا لم يلعب، بل رسم لوحات مجنونة على بساط أخضر. كان فنانًا متمردًا، يقود الكرة كما يقود المايسترو فرقته الموسيقية، تارة بلمسة شاعر، وتارة بعناد محارب، في كأس العالم 1986، كتب اسمه في السماء، هدف بيده قال إنه "يد الله"، وآخر بقدمه قال فيه الجميع: "هذا لا يعاد، هذا لا يصدق، هذا مارادونا".
كان قصيرًا بجسده، لكنه شامخ بأسطورته. لم تكن السرعة ميزته، بل السحر. لم تكن القوة سلاحه، بل الذكاء. يراوغ الزمان كما يراوغ الخصوم، يميل بجسده الصغير فتميل معه الجماهير، يراوغ بخطوة، ويكسر بخيال، فتتبع الكرة نبوءة قدميه إلى الشباك.
مارادونا لم يكن ملاكًا، وكان يعرف ذلك. لكنه لم يدع الكمال، عاش كما أراد، خطف الحياة بيديه، ومضغها بشغف، وارتكب الأخطاء، كما يخطئ الكبار حين يعيشون بأقصى طاقتهم، لم يخف ضعفه، بل عانقه، وكان الناس يحبونه لأنه حقيقي… لأنه إنسان.
عندما مات، لم يمت. فقط ارتدى الغياب. مارادونا لا يموت، لأن الأساطير لا تدفن، بل تتجول في الذاكرة، وتُروى في الحكايات، وتُقلد في الأحياء الفقيرة، حيث الأطفال يركضون حفاة ويحلمون أن يصيروا "دييغو" جديدًا.
مارادونا… ذلك الصغير الذي هز العالم بكرة.

متعلقات