الثلاثاء-22 يوليو - 08:40 ص-مدينة عدن

الصناعة الجنوبية من الازدهار و إلى التدمير... والعودة حتمًا.. ( صور )

الثلاثاء - 22 يوليو 2025 - الساعة 03:48 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتي " غسان العقوري : تقرير





الصناعة الجنوبية من الازدهار و إلى التدمير... والعودة حتمًا..


من يتأمل في تاريخ الجنوب الاقتصادي، لا يمكن له أن يتجاهل الدور المحوري الذي لعبه قطاع الصناعة الجنوبي منذ فجر الاستقلال في نوفمبر 1967م وحتى نكسة الوحدة المشؤومة في 1990م، والتي تمخض عنها اجتياح غاشم في 1994م أجهز على ما تبقى من مقومات دولة كانت تسير بخطى ثابتة نحو الاكتفاء والتطور.

بعد الاستقلال ، تبنّت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية مشروعًا وطنيًا لبناء اقتصاد عام مستقل، وكان القطاع الصناعي أحد أهم أعمدته.

أنشئت خلال تلك الحقبة عشرات المنشآت الصناعية التي غطّت مجالات عديدة، أهمها على سبيل الذكر لا الحصر:
- مصنع الغزل والنسيج
- مصنع تعليب الأسماك
- مصنع معجون الطماطم
- مصنع البسكويت
- مصنع الألبان
- مصنع البطاريات السائلة
- مصنع الجندي للبلاستيك
- مصنع المشروبات الغازية
- مصنع الذخيرة
- مصنع الطلاء والاملشن
- مصنع السجائر والكبريت
- مصنع صيرة للمشروبات
- تعاونية الصناعات الجلدية
- تعاونية المرأة للخياطة
- المؤسسة العامة للحوم
- المؤسسة العامة للألبان
- المؤسسة العامة للبناء والتشييد
- المؤسسة العامة للملح (المملاح)
- شركة مصافي عدن
- شركة طيران اليمدا
- شركة أحواض السفن
- شركة الملاحة الوطنية.
والكثير من الموسسات الوطنية التي لم تكن مجرد مبانٍ، بل شكلت رافدًا اقتصاديًا أساسيًا للدولة، في ضل عدم وجود قطاع صناعي خاص ، حيث أسهمت في توظيف آلاف العمال الجنوبيين، وخلق دورة إنتاج محلية أمنت احتياجات السوق وخففت الاعتماد على الخارج.

ما إن اجتاحت قوات الشمال الجنوب في صيف 1994م، حتى بدأت حملة ممنهجة ومدروسة لتدمير كل ما يرمز إلى دولة الجنوب، وعلى رأسها البنية التحتية الصناعية.
تم نهب المصانع وتجريف معداتها.
بيعت الأصول كخردة في صفقات فاسدة.
الاستيلاء على بعض المصانع وتحويلها إلى قطاع خاص .
الاستحواذ والبسط على مواقع الكثير من المصانع من قبل الغازي الشمالي .
القضاء التام على القطاع الصناعي الجنوبي العام .
سُرّحت العمالة الجنوبية دون تعويض.
وكان الهدف واضحًا: تدمير مقومات الدولة الجنوبية، لضمان عدم قدرتها على النهوض مستقبلاً، وإن حصل الاستقلال، فستعود الدولة بدون قاعدة إنتاج صناعي حقيقي، مما يجعلها ضعيفة اقتصاديًا وتابعة خارجيًا.
اتُبعت منذ ذلك الحين سياسة ممنهجة تهدف إلى تفريغ عدن والجنوب من كل بنية صناعية عامة أو خاصة، وبالمقابل تحويل الشمال إلى مركز الإنتاج وربط الجنوب به كسوق استهلاكي لا أكثر.
المصانع أُنشئت في صنعاء والحديدة وإب وتعز وذمار .
البضائع القادمة إلى الجنوب مصدرها الشمال.
حتى المنتجات الغذائية الأساسية ( كالبسكويت والمياة المعلبة والزيت والعصائر والالبان ومشتقاتها) يتم استيرادها من مصانع شمالية.

وهكذا أصبح الجنوب سوقًا مشلولاً يعتمد على ما يُنتج في الشمال، في إهانة صارخة لطاقاته وقدراته.
منذ تحرير عدن في 2015م، توقعنا عودة الصناعة الجنوبية تدريجيًا لكن:
الاستثمار الصناعي ما زال شبه معدوم ، رغم وجود رأس مال جنوبي قادر على الاستثمار بهذا القطاع الهام .
الجنوب اليوم أمام فرصة تاريخية إذا أحسن استغلالها عبر :
..الاستثمار في الصناعات الغذائية ضرورة أمن قومي، لتأمين الأمن الغذائي ووقف الاعتماد على الشمال والخارج .
..إعادة تشغيل المصانع القديمة التي لازالت مبانيها قائمة سيوفر آلاف فرص العمل .
..بناء مصانع جديدة في كل المجالات سيوجه ضربة قوية للاحتكار الشمالي.
..الصناعة ستسهم في تقوية القرار السياسي الجنوبي، لأن الاستقلال بدون اقتصاد متماسك، استنزاف مستمر.

هناك تساؤل مطروح.. هل الجنوب قادر على استعادة مجدة الصناعي وتطويرة؟؟!
..الإجابة. نعم ..ولكن بشرط:
.. أن نؤمن بأن الدولة لا تُبنى بالشعارات فقط، بل بالإنتاج والعمل، وأن إعادة بناء الصناعة هي جزء من معركة التحرير، ولا تقل أهمية عن الجبهة العسكرية.
إذا فلننهض بقطاعنا الصناعي، فهو المفتاح الذهبي لـ السيادة والكرامة والاكتفاء.

رسالتنا إلى المستثمر الجنوبي : الجنوب اليوم ليس كجنوب الامس، الاستثمار الآمن متاح وسهل ، الجنوب اليوم بحاجة إلى اسهامك الفاعل في نهظتة الصناعية، التي طال انتضارها .

رسالتنا إلى القيادة السياسية والعسكرية الجنوبية...
إن الحديث عن الصناعة الجنوبية ليس مجرد حنين إلى الماضي، بل هو صرخة تنبيه للمستقبل.
إن تدمير المصانع الجنوبية بعد 1994م لم يكن تصرفًا عبثيًا، بل جزءًا من مشروع سياسي خبيث أراد تفريغ الجنوب من قدراته الذاتية، وتحويله إلى تابع اقتصادي ضعيف لا يملك أدوات الاستقلال.
ولذلك، فإن إعادة بناء القطاع الصناعي اليوم لم تعد خيارًا تنمويًا فقط، بل أصبحت ضرورة وطنية ذات أبعاد سياسية وأمنية واجتماعية:
..سياسيًا: الصناعة تعني الاستقلال الحقيقي، وتحرير القرار الجنوبي من الابتزاز الاقتصادي.
..اقتصاديًا: الصناعة توفّر فرص العمل، وتعيد الدورة النقدية إلى الداخل، وتقلّل من التبعية.
..اجتماعيًا: الصناعة تعيد الثقة للمواطن الجنوبي، وتقلّل من نسب الفقر، وتحمي النسيج الاجتماعي من التفكك.
والقيادة التي لا تُعيد بناء أدوات الدولة، لا تستطيع أن تحمي مشروع الاستقلال مهما رفعت الشعارات.
لذلك، نهيب بكم اليوم أن تضعوا الملف الصناعي في أعلى أولويات المرحلة الراهنة، وأن تبدأوا بخطوات عملية مدروسة لإعادة الروح لهذا القطاع الاستراتيجي، فالجنوب لن ينهض إلا من خلال مصانعه ومرافئه ومدارسه.
#الصناعة_الجنوبية
#الاستثمار_الصناعي
#الجنوب
#الانتقالي





متعلقات