الأربعاء-04 يونيو - 09:35 م-مدينة عدن

عبدالرحمن الأبنودي : صوتها حريري مخملي تدرك صاحبته أنها تمتلك ما لا يمتلكه غيرها

الثلاثاء - 03 يونيو 2025 - الساعة 02:43 ص بتوقيت العاصمة عدن

مصر " عدن سيتي " محسن باشو : متابعات




عبدالرحمن الأبنودي: صوتها حريري مخملي تدرك صاحبته أنها تمتلك ما لا يمتلكه غيرها
أعتقد أن نجاة قادرة على المشى فوق الماء والمشى فوق الأرض دون أن تطأ أقدامها تراب الأرض، فهى إنسانة بقدر ما هي فنانة علمها الفن شدة الحذر فكل شطر وكل كلمة وكل حرف لابد أن يمر عبر فهمها للعاطفة والحب، وهو طعم خاص لذلك هي لا تتعامل إلا مع شعراء خاصين، وقد كان مرسى جميل عزيز نموذجاً للطيف المتخفى في رقة الفنانة نجاة، أما أنا فقد كانت دائما تزعجها صعيديتى وعدم قدرتى أو رغبتى في تغيير مسلكى، وكانت تتعجب من المسافة بين سلوكى الهمجى ورقة الشعر.

عرفتها عام 1964حين سألنى بليغ حمدى إن كان معى نقود فقلت له: أنا مفلس، فقال لى �تعالى نكتب أغنيتين�، وكان بليغ يجيد مسألة أن يكتب أغنية اليوم وتسمعها في الراديو غداً، المهم كتبت وقتها �مسير الشمس وهتسافر�، وبعد أن أنهى تلحينها اتصل بسيدة لا أعرفها وقال لها يا �نوجه معاكى فلوس؟�، لكنى لم أسمع الرد، ثم قال لها �يلا نسجل أغنية�، وبالفعل في اليوم الثانى كنا جميعاً في الاستديو وفى ذلك اليوم رأيتها تسجلها وقال لها: الأستاذ الأبنودى مؤلف الكلمات. فهزت رأسها بلغة غير مفهومة أظن أنها كانت أهلا وسهلاً، فيما بعد عاتبتها على هذه اللغة غير المفهومة التي تتعامل بها أحياناً، وعليك أن تفهم ما تقول. واستطرد الأبنودى: حين تعترض على بيت شعر أو كلمة عليك أن تعرف أنها لا تقصد الكلمة إنما تقصد المعنى، إنها لا تحب أن تتذلل عاطفيا أمام الرجل �الحبيب�، وإنما تحب أن تدور الكلمات حولها هي، بأن تقول مثلا مرايتى قوليلى يا مرايتى، وبعد ذلك كتبت لها عددا من الأغنيات الوطنية مثل السد العالى، ولكن أهم أغنية كتبتها لم يلحنها بليغ الذي عرفنى بها بل لحنها الموجى وهى �عيون القلب�، وبالصدفة البحتة كنت أسكن في الزمالك خلف منزلها وكان من الممكن أن ترانى من شباك مطبخها، وفى ذلك الوقت طلبت منى أغنية، واتصل بى الموجى من خلفها وقال لى: هل ستضيع وقتنا كما تفعل دائماً أختك نجاة؟، فقلت له: على ما يبدو أنها جادة هذه المرة، وبالفعل سألتنى: ماذا تكتب لى هذه المرة؟ فأخبرتها أنها لم تغن �موال� طوال حياتها وطلبت منها أن تغنى موالا قصيرا قبل الأغنية، وبدأت في أغنية �عيون القلب سهرانة� وإذا بالموجى يلتقط عوده ويبدأ، وفجأة وجدنا أنفسنا نخلع أحذيتنا ونجلس على الأرض لمدة ثلاثة أيام، وهو الزمن الذي استغرقته الأغنية كلاما ولحنا وحفظاً، وقد كانت عيون القلب من أنضج تجاربى معها، ولكن المتعة ليست في أن تصنع أغنية لنجاة ولكن أن ترى هذه الفنانة في سلوكها مع الحياة والأشياء، وهذا يؤكد أنها تمشى على أطراف الأشياء كأنها لا تلمسها مثل الضوء، ويصدق ذلك الذي سماها بالضوء المسموع، وأظنه شاعرنا الكبير كامل الشناوى رحمه الله.

متعلقات