خطبة الجمعة والأضحية،، ، و غياب الواقع المعيشي عن المنابر
السبت - 24 مايو 2025 - الساعة 10:04 م بتوقيت العاصمة عدن
عدن " عدن سيتي " #فاقــــــــــــــــ√د وطــــــــــــن
خطبة الجمعة والأضحية،،
و غياب الواقع المعيشي عن المنابر
في كل عام، ومع إطلالة عيد الأضحى المبارك، يصدح صوت الحق من المنابر، مذكّرًا بفضل الأضحية وشروطها، ومبينًا ما يحل وما لا يحل فيها. وهذا بلا شك من صميم واجب الخطيب، وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
ولكن، مع هذا التذكير السنوي، يتبادر إلى أذهان الكثيرين سؤال ملح،، أين موقع واقع الناس المعيشي من هذه الخطب؟
أين انعكاس الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها غالبية المصلين على مضمون هذه التوجيهات؟
نستمع بانتباه إلى تفصيل شروط الأضحية، وكأن هذا هو الشغل الشاغل للجميع، وكأن القدرة على شرائها أمر مفروغ منه. يكرر الخطيب ما تعلمناه في مراحل مبكرة من حياتنا في المدرسة الابتدائية عن سن الأضحية وسلامتها، دون أن يلتفت إلى أن أكثر من ثلثي الحاضرين في المسجد ربما يحسبون الأيام والليالي لتوفير أساسيات الحياة، فكيف لهم بالتفكير في شراء أضحية؟
إن هذا التجاهل الصارخ لأوضاع الناس المعيشية يثير في نفوس الكثيرين استغرابًا عميقًا. كيف يمكن للخطبة أن تكون مؤثرة وذات صلة بحياة الناس اليومية، وهي تتحدث عن شعيرة قد تبدو بعيدة المنال للكثيرين؟
كيف يمكن أن نتحدث عن فضل الإنفاق في سبيل الله، ونحن نعلم أن أغلبنا يكافح لتغطية نفقات الطعام والدواء مع الانتشار الوباء ؟
إن الراتب الذي قد يحصل عليه بعض المشايخ، والذي قد يصل إلى خمسة آلاف ريال سعودي أو أكثر، قد يخلق دون قصد فجوة اجتماعية بينهم وبين عامة الناس.
قد يصعب على من يعيش في بحبوحة من العيش أن يستوعب تمامًا حجم التحديات والصعوبات التي يواجهها من لا يملك إلا القليل.
إن عدم تطرق الخطباء لهذه الأوضاع المعيشية في خطبهم قد يؤدي إلى نتائج سلبية. فقد يشعر البعض بالإحباط أو التقصير، وقد يظنون أنهم مقصرون في دينهم لعدم قدرتهم على إحياء هذه السنة، بينما الحقيقة أن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها. وقد يخلق هذا التجاهل نوعًا من الانفصال بين الخطيب وجمهوره، ويقلل من تأثير كلماته.
إننا لا نطلب من الخطباء أن يتخلوا عن ذكر فضائل الأضحية وشروطها، ولكننا نرجو منهم أن يكونوا أكثر حساسية لأوضاع مجتمعاتهم. نأمل أن يجدوا سبيلًا لربط هذه الشعيرة بواقع الناس، وأن يذكروا بالبدائل المتاحة لمن لا يستطيع شراء الأضحية، وأن يحثوا المقتدرين على التكافل والتراحم مع إخوانهم المحتاجين.
إن الخطبة يجب أن تكون منبرًا للتوعية والتوجيه والإصلاح، ويجب أن تلامس هموم الناس وتطلعاتهم. إن تجاهل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها الكثيرون يجعل الخطبة تبدو وكأنها حديث في واد، والناس في واد آخر. و المدهش أكثر ينادي الخطيب أصحاب الأموال بتبرع إلى اخوتنا في غزة..
فلعل في تذكير الخطباء بفضل الصدقة والإنفاق على الفقراء والمحتاجين في هذه الأيام المباركة و اولوا الأقرباء اولأ ،،ما يعوض غياب الأضحية عن بيوت الكثيرين. ولعل في حثهم على التكافل والتعاون ما يخفف من وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة الذي نعاني منه ..
نسأل الله أن يلهم خطباءنا الحكمة والسداد، وأن يجعل كلماتهم نورًا يهدي القلوب، وأن يفرج عن إخواننا المكروبين، وأن يوسع أرزاقنا أجمعين.
آمين.