هل يخدم "اللايك" قضايا الوطن؟ متى يصمت صخب الإعلام ليسمع صوت الحكمة في قضايا الوطن؟
الثلاثاء - 20 مايو 2025 - الساعة 10:02 م بتوقيت العاصمة عدن
عدن " عدن سيتي " د بسام البرادعي
هل يخدم "اللايك" قضايا الوطن؟ متى يصمت صخب الإعلام ليسمع صوت الحكمة في قضايا الوطن؟
دعوة للإعلاميين إلى التروي في تناول القضايا الوطنية
في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها وطننا الأبي، وفي ظل تعقيدات المشهد السياسي والعسكري، يبرز دور الإعلام كقوة مؤثرة تشكل الوعي العام وتوجه دفة النقاشات. إلا أن هذه القوة الهائلة تحمل في طياتها مسؤولية جسيمة، تستدعي من القائمين على المنابر الإعلامية قدرًا عالياً من الحذر والتروي، خاصة عند الخوض في القرارات السياسية المتعلقة بالقضايا الوطنية المصيرية.
إن القرارات السياسية، لا سيما تلك التي تمس صميم الأمن القومي والاستقرار المجتمعي، غالبًا ما تستند إلى حسابات معقدة وتحليلات دقيقة تأخذ في الاعتبار جملة من المعطيات الخفية والتوازنات الدقيقة التي قد لا تكون بادية للعيان. الخوض في تفاصيل هذه القرارات، وإصدار أحكام قطعية بشأنها من منظور ضيق أو بناءً على معلومات مقتضبة، ينطوي على مخاطر جمة تهدد النسيج الاجتماعي وتعيق تحقيق أهداف السلطة العليا.
إن التسرع في إطلاق التصريحات والتحليلات غير المستندة إلى فهم شامل للأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية يمكن أن يؤدي إلى:
١- إرباك الرأي العام وخلق حالة من البلبلة والتشويش لدى المواطنين، وزعزعة ثقتهم في القيادات والجهود المبذولة.
٢- تأجيج الخلافات والانقسامات وتحويل القضايا الوطنية إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية والمزايدات الإعلامية، مما يعمق الشرخ المجتمعي.
٣- تقديم خدمة مجانية للأطراف المتربصة وذلك باستغلال التصريحات غير المسؤولة لتشويه الحقائق وبث الفتنة وتقويض الصف الوطني.
٤- تقويض الجهود الدبلوماسية والأمنية والعسكرية والمساس بالمساعي السرية والعلنية الرامية إلى تحقيق الاستقرار، وتعريض المفاوضات الحساسة للخطر.
إن حرية التعبير مكفولة، ولكن هذه الحرية لا تعني الفوضى أو الاستهتار بالمسؤولية الوطنية. إن واجب الإعلامي الوطني يقتضي التثبت والتحري، والتحلي بروح المسؤولية عند تناول القضايا الحساسة. بدلاً من الانجرار وراء العواطف أو التكهنات، يجب السعي إلى فهم السياق الكامل للأحداث، وتقديم المعلومات للجمهور بمهنية وموضوعية.
إن صمت الحكمة في بعض الأحيان أبلغ من ألف كلمة.
ففي اللحظات التي تتطلب تضافر الجهود ووحدة الصف، يجب على الإعلام أن يكون عامل بناء لا عامل هدم، وأن يساهم في تهدئة النفوس وتوحيد الكلمة، لا في تأجيج الصراعات وتعميق الجراح، وشق المجتمع بالمناطقية.
دعونا نتذكر دائمًا أن الكلمة أمانة، وأن الإنسان محاسب عليها أمام الله، وأن المنبر الإعلامي مسؤولية عظيمة، ورب كلمة تهوي بصاحبها سبعين خريفا في قعر جهنم.
فلنرتقِ بخطابنا، ولنحرص على أن تكون أقلامنا وأصواتنا أدوات للخير والبناء، لا معاول للهدم والتفريق.
إن مصلحة الوطن العليا تستدعي منا جميعًا، وأخص الإعلاميين، التروي والحكمة والمسؤولية في تناول قضايانا الوطنية المصيرية.
✍️ *د. بسام البرادعي*