ٱراء واتجاهات


رؤية خاصة موجزة بشأن المهام العاجلة والتحديات الماثلة أمام المجلس الانتقالي

الجمعة - 14 نوفمبر 2025 - الساعة 12:26 ص

الكاتب: صالح شائف - ارشيف الكاتب




بالنظر للواقع المؤلم الذي يعيشه الجنوب اليوم؛ وأخذا بعين الإعتبار كل الظروف المستجدة بشأن خطة السلام في اليمن؛ التي يتم البحث في تفاصيلها ( الأخيرة ) ومؤشراتها التي باتت شبه معروفة ولو بخطوطها العامة.

فإن الضرورة تقتضي بل وتفرض على قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي؛ الأقدام على إتخاذ الخطوات الضرورية التي نراها من وجهة نظرنا مهمة للغاية؛ ضمانا لإثبات حق الجنوب والدفاع عن مصالحه وقضيته؛ فنرى في ذلك ما يلي :

*على صعيد العلاقة مع الشرعية والتحالف*

( 1 ) الإسراع في وضع رؤية محددة المعالم والخطوات - إجراءات وتدابير ومهام عملية - للتعامل مع الشرعية خلال الفترة القادمة؛ في ضوء تجربة الشراكة معها خلال السنوات الست الماضية؛ وتقييمها سلبا وإيجابا ومن كل الزوايا والجوانب؛ وإنعكاس كل ذلك على حياة الناس؛ وعلى صعيد الموقف والتعامل مع قضية الجنوب الوطنية.

( 2 ) مطالبة التحالف بتحديد موقف واضح وصريح بشأن عدم تنفيذ مضامين إتفاق ومشاورات الرياض من قبل الطرف الآخر حتى الآن؛ وما هي مبررات موقفه من ذلك؛ وما مصير كل الإتفاقيات والتفاهمات التي نتجت عن مجمل المشاورات السابقة.

( 3 ) تقديم تصور عملي للتحالف والرباعية يعكس رؤية وموقف الانتقالي من ( الشرعية )؛ أكان ذلك متعلقا بتعليق شراكته فيها؛ أو الإستمرار في شراكته مع وضع شروط وضوابط واضحة ومحددة لذلك؛ بما فيها حق الجنوبيين في إدارة شؤونهم بأنفسهم خلال ما تبقى من مرحلة الشراكة والتوافق المرحلي المؤقت.

( 4 ) تحديد سقف زمني للبقاء في إطار الشراكة وعدم ربطها بمصير صنعاء و ( تحريرها ) من ( الإنقلابيين ) بعد أن صاروا سلطة أمر واقع؛ والحوارات والتفاهمات معهم صارت مشروعة بل وضرورية - كما يرى ذلك التحالف والرباعية ومعهم الأمم المتحدة - لحل الأزمة ( اليمنية )؛ وبالتالي تسقط عنهم صفة ( الإنقلابيين ) وسقطت معه بشكل أو بآخر مبررات ( عاصفة الحزم )؛ والتي كانت قد وضعت عودة الشرعية إلى صنعاء هو الهدف الأول والمعلن عنه بعد إسقاط ( الإنقلاب ).

( 5 ) سلطة الأمر الواقع في صنعاء أصبحت شريكا وطرفا رئيسيا على طاولة المشاورات والمفاوضات التي تمت من قبل؛ وتتم الآن في مسقط ( وبرعاية الأمم المتحدة ) و( بغياب ) الشرعية وتغييب الانتقالي؛ وهذا أمر مقلق جدا لجهة الموقف من قضية الجنوب ومصيرها في جدول الحلول والتسوية.

( 6 ) إذا لم يتم التفهم والقبول برؤية وموقف المجلس الانتقالي من جانب ( الشرعية والتحالف )؛ فلا مفر في هذه الحالة من فرض سلطة الأمر الواقع في الجنوب؛ حتى يتم التوصل لحل عادل وشامل يضمن للجنوب حقه في استعادة دولته المستقلة؛ أما جعل قضية الجنوب ( رهينة ) الحلول المؤجلة المجهولة المآلات؛ فهو أمر خطير للغاية ولا ينبغي القبول به بعد الآن.

*على صعيد الوضع الداخلي الجنوبي وطنيا وسياسيا وإجتماعيا*

لا بد من التأكيد بداية بأن ما سنقترحه هنا ليس شاملا لكل ما ينبغي فعله أو القيام به في الفترة القادمة؛ بل نقاط محددة هي أقرب لأن تكون عناوين رئيسية؛ ونترك مسألة التفاصيل والآليات للجهات المعنية.

فبعد النجاح الذي قطعه الحوار الوطني الجنوبي وتوج باللقاء التشاوري؛ وبما تمخض عنه من إقرار للميثاق الوطني وبقية الوثائق التي قدمت إليه؛ سادت حالة تشبه الركود الكامل لجهة بلورة الميثاق وطنيا وسياسيا.

كما حصل ما يشبه التوقف على صعيد مواصلة الحوار مع بقية القوى والأطراف التي لم تحضر اللقاء التشاوري ولم توقع على الميثاق الوطني الجنوبي؛ ونضع فيما يلي رأينا بشأن الأوضاع الداخلية العامة في الجنوب - سياسيا ووطنيا وإجتماعيا - :

( 1 ) طالما وباب الحوار ما زال مفتوحا ويواصله فريق الحوار المكلف؛ فإن الضرورة تقتضي مواصلته بجدية وبصورة سريعة وبآليات جديدة فعالة؛ وألا يتوقف الأمر عند مواصلة وإجراء الحوارات؛ بل ويشمل ذلك البحث والتوافق على عقد مؤتمر وطني جنوبي وفي أقرب وقت ممكن.

( 2 ) يتولى الدعوة لعقد المؤتمر قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي؛ بحكم مكانته ودوره وحضوره الفاعل على كامل ساحة الجنوب الوطنية والجغرافية؛ فهو المعني بذلك قبل غيره؛ وهو صاحب المبادرة للحوار الوطني الذي تم تدشينه قبل نحو خمس سنوات من الآن.

ويتولى المؤتمر الوقوف أمام حاضر الجنوب ومستقبلة والتوافق على رؤية وطنية مشتركة؛ وبما يوحد الموقف الوطني الجنوبي في إطار جبهوي واحد؛ دون إقصاء أو تهميش لأي مكون وطني جنوبي؛ أو تجاهل لأي شخصيات سياسية أو إجتماعية وازنة.

( 3 ) إن وحدة الصف الوطني الجنوبي وتماسك جبهة الجنوب الداخلية؛ وعلى قاعدة الشراكة والندية والمسؤولية الوطنية؛ كل ذلك يجعل الجنوب يحصن نفسه من كل المخاطر ويغلق أبواب الكراهية والفتنة بين الجنوبيين.

( 4 ) بعد أن يتم التوافق على المؤتمر الوطني الجنوبي أو أي تسمية أو صيغة أخرى؛ يتم تشكيل لجنة تحضيرية عليا تضم في عضويتها ممثلين عن القوى والأطراف الوطنية الأخرى؛ ويتم كذلك التوافق على قوامها العددي وآلية التمثيل؛ على أن يتولى رئاسة اللجنة ممثل المجلس الانتقالي الجنوبي.

( 5 ) ولضمان فعالية ونجاح اللجنة التحضيرية؛ تشكل لجان فرعية تخصصية وحسب الحاجة والضرورة التي تراها اللجنة التحضيرية العليا ضرورية.

( 6 ) إن طبيعة التحديات والمخاطر المحيطة بالجنوب؛ تفرض على قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي؛ تفعيل آليات العمل وديناميكيات الحركة والتفاعل مع المتغيرات القائمة والمحتملة؛ سياسيا ودبلوماسيا ومجتمعيا.

وقد آن الآوان لمغادرة مربعات التعامل الوظيفي مع مهام ودور المجلس الانتقالي؛ فلا مجال للتراخي في زمن العواصف.

ولا بد لنا من التأكيد هنا على أهمية وضرورة إحداث التغييرات الضرورية وأينما يتطلب الأمر ذلك في هياكله؛ وفي مختلف المؤسسات الجنوبية المختلفة التي تقع تحت قيادته؛ وبما يتناسب وطبيعة الأوضاع وتعقيداتها؛ ومدها بطاقات جديدة مؤهلة ومقتدرة ونوعية ومشهودا لها بالنزاهة.

( 7 ) للخروج من الأوضاع الكارثية التي يعيشها شعبنا والتي بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة؛ فإن المسؤولية تقتضي بالضرورة مواصلة الخطوات الإصلاحية الإقتصادية والإدارية.

وحماية ما قد تحقق منها وإتخاذ كل التدابير الممكنة والضرورية لدعم رئيس الوزراء وحكومته وبما يمكنها من تجاوز العقبات والتحديات؛ وعدم التساهل أمام كل من يقف عقبة في طريق التعافي وإنقاذ الشعب من محنته.

( 8 ) إن معالجة أوضاع الناس المعيشية والتي صارت جحيما لا يطاق؛ أصبحت مقياسا حاسما لنجاح القيادات السياسية الجنوبية المسؤولة؛ أكانت في مجلس القيادة الرئاسي أو في الحكومة وأجهزتها المختلفة وعلى مستوى السلطات المحلية.

فالوعود والخطابات والشعارات لم يعد لها قبول عند الناس بل وأصبحت مستفزة لمشاعرهم ولعقولهم؛ ولن تمنعهم من التعبير الرافض لواقعهم المأساوي وبالطرق التي يرون فيها طريقا للخلاص.

*وأخيرا* .. أتمنى أن تجد رؤيتنا الخاصة الموجزة والمتواضعة هذه؛ وبما حملته من الأراء والمقترحات والملاحظات المختلفة التي تقدمنا بها؛ التفاعل الذي تستحقه من قبل كل من يهمهم أمر الجنوب وعلى وحدته الوطنية والجغرافية؛ وبما يجعله سيدا على قراره وأرضه.

*صالح شائف*
13/ نوفمبر / 2025؛