ٱراء واتجاهات


قمة الدوحة

الخميس - 18 سبتمبر 2025 - الساعة 02:45 ص

الكاتب: د أحمد عبداللاه. . - ارشيف الكاتب





أكد بيان قمة الدوحة على التضامن المطلق مع دولة قطر، وأدان حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة ومحاولات التهجير، كما دعا إلى مراجعة العلاقات مع "إسرائيل"، وتحدث عن رؤية أمنية مشتركة وأهمية الشروع في وضع آليات تنفيذية.

لكن ـ وكما جرت العادة ـ ظلّ النص غارقًا في قوالب الخطاب التقليدي: يؤكد ويستنكر ويشدد ويناشد ويدعو ويرحب… إلخ.

ومهما بلغت حدة البيان الختامي، فإنه لم يتجاوز عمليًا سقف المألوف. بل جاء استمراراً لطقوس البيانات العربية التي تتلوّن حدّتها، لكن جوهرها يبقى محكومًا بآلية خطابية تفتقر إلى أدوات الردع. أي أنه تكرار لصوت يجاهر بالغضب فيما يظل خاليًا من الفعل.

المشهد العربي، منذ الغزو الأميركي للعراق وتمدد النفوذ الإيراني وتداعيات "الربيع العربي"، لم يعد مجرّد ضعف ظرفي انعكس في غياب المواقف التقليدية، التي كانت تمثل الحد الادنى، بل تحوّل إلى هشاشة بنيوية عميقة: فراغات استراتيجية خلّفها غياب دول مركزية وضعف حضور أخرى، وتصدّعات أفقية تجعل الجسد العربي أقرب إلى دول محكومة بإرادات متنافرة.

في هذا السياق يصبح أي بيان، مهما علا صوته، مجرد انعكاس لعجز جماعي يتستر بمظهر التماسك.

أما قطر، التي وجدت نفسها هدفًا لعدوان مباشر، فعليها أن تستخلص الدرس الأشد مرارة: ان استمرار دعم مشاريع تقويض الدول العربية المركزية - وفي مقدمتها مصر - ليس مقامرة سياسية فحسب، بل انتحار استراتيجي. فالقوى الناعمة التي تُسخَّر هنا وهناك قد تمنح صورةً وظلالًا، لكنها لا تقي من نار الانكشاف الجيوسياسي حين ينهار الحاجز العربي مهما كان حجم تأثيره. فالانهيار لا يوفر لقطر ولا لغيرها مظلة نجاة بل يفتح أبواب الفناء.


أخيراً: المعضلة الجوهرية لا تكمن في مستوى البيانات الرسمية للقمم العربية بل في العجز عن تحويلها إلى فعل سياسي ملموس، وفي غياب الإرادة الجماعية القادرة على ترجمتها إلى موقف مؤسِّس ضمن معادلات القوة السائدة.

احمد عبد اللاه