المحكمة الجنائية الدولية تمسكُّوا بها، ولا تهاجموها

الخميس - 22 مايو 2025 - الساعة 01:02 ص

الكاتب: د . أنور الرشيد - ارشيف الكاتب

تعوّدت وعوّدت نفسي على ألا أناقش أو أدخل في نقاش لا علم لي به، وقد اتبعت هذه القاعدة منذ نعومة أظافري وعوّدت نفسي على أن أقول هذا ليس من اختصاصي؛ لكي لا أدخل بنقاش ليس ضليعًا به لأن النتيجة الحتمية للدخول في مثل هذه النقاشات هي تفوُّق المختص بذلك عليَّ لما يملكه من علم به وخبرة حتى ميكانيكي السيارات أو السباك أو حتى النجار لا أدخل معه بنقاش فيما يخص صلب عمله.

ابني الجعدة كما نقول أو آخر العنقود طبيبٌ يعمل في تخصص جراحة المخ والأعصاب الذي في يوم من الأيام حملته بين يدي في مهده عندما يقول لي خُذْ هذا الدواء ولا تأخذ ذلك انصاع لكلامه وتعليماته لأن الجعدة أعلم مني بذلك.

ما دفعني لقول ذلك هي ردود الفعل على مقال الأمس الذي ذكرت به انسحاب المجر من المحكمة الجنائية الدولية، وعلى ما يبدو أن البعض مشحونٌ نفسيًّا ضد كل ما هو دولي وغربي، وقد تكون أوضاعهم النفسية هي سبب مباشر لردود فعلهم السلبية ليس على المحكمة الجنائية الدولية فقط، وإنما حتى على منظمات دولية مثل هيومن رايت وتش، وأمنستي، والأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان نتيجة لما يرونه من مجازر بحق شعب غزة ولا الومهم على ذلك، كل ردود الفعل كانت تتساءل أين دور تلك المنظمات مما يحدث من مجازر في غزة؟ حتى أني كنت أنشر تقارير أمنستي وهيومن رايتس، وأقول يا جماعة الخير اقرؤوا قبل أن تنتقدوه، ومن ثم فوجود تلك المنظمات العدلية والحقوقية هي في صالحنا، وليس من صالحنا مهاجمتها، والتقليل من شأنها لأنها حجتنا لدى من ينتهك حقوقنا، وعلينا دعمها.

وأخيراً أوجّه سؤالًا لكل من انتقد المحكمة الجنائية الدولية، ولا أدعي علمي الكامل
هل يعرف من هاجم المحكمة كيف تم إقرار وثيقة روما؟
هل سمع اساسًا بوثيقة روما؟
هل تابع أو قرأ مداولات وثيقة روما؟
هل يعرف كم من السنوات أخذت لكي تُقرّ؟
هل يعرف من هي أكثر الدول التي عارضت وثيقة روما؟

صراع طويل أخذته البشرية مع نفسها لتصل لهذه المرحلة من التنسيق لكي تحمي حقك وعدم انتهاكه، وأنت تهاجمها وتصفها بالمتصهينة والذي يتهمها بأنها صنيعة الغرب، والذي يقول وجدت لتبرئة الغرب بعقلية صدئة لا يزال ماضيها عالقًا بها غير قادرة على تجاوزها، فما العمل مع عقلية ترفض تصديق أن التاريخ اليوم يكتبه أصحابه صوت وصورة في منصات التواصل الاجتماعي هو التاريخ الحقيقي والواقعي الذي غير قواعد اللعبة تماما، وليس كما يحدث في أزمان التخلف يكتبه المنتصر؟

شاهد أيضًا