الثلاثاء-08 يوليو - 01:13 م-مدينة عدن

مدرسة بازرعة..منبع القادة والكوادر والمثقفين على مدار مئة وعشرة ( 110) أعوام ( صور )

السبت - 03 سبتمبر 2022 - الساعة 01:01 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن _ "عدن سيتي": محمد النجار




هي عدن بِمَدارسها وعُلمَائها، بِطلابِها ومُدرسيها، بِمُريديها ومُربِيها، من دَخلها جاهلاً تفَقه، ومن أراد طلب العلم والمَعرفة وجدَ ظالته في مساجدها ومَدارسها، فقد أشتهرت مدينة عدن بمدارسها التنويرية والتي احتظنت مدرسين في مُختلف المناهج الدراسية، تخرج من تلك المدارس الآلاف الطلبة مُسلحين بعلوم الدين والدُنَيا معاً، والذين تصدروا المشهد لاحقاً، وكان لهم السبق في بناء الوطن والنهوض به، الأمر الذي مكنهم من نيل الرفعه والمكانه ليس في وطنهم وحسب بل في بلدان الجزيرة العربية أيضاً.

مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية هي واحدة من تلك المدارس التي تعتبر نار على علم في شُهرتها، فقد شُيّدت على جانب شارع العيدروس بكريتر حاضرة مدينة عدن على نفقة رجل الخير والبر الشيخ محمد عمر بازرعة وثم أفتتاحها رسمياً عام 1912 ميلادية، كانت المدرسة منارة في محاربة الجهل ونشر الإشعاع الديني والدنيوي لقوة مناهجها الإسلامية و المعرفية وأنشطتها الآ صفية والفعاليات الأدبية والثقافية والرياضية التي كانت تقام في المدرسة.

كانت نضرت الشيخ محمد بن عمر بازرعة ثاقبة، فقد أراد للمدرسة الناشئة أن تتفوق على نضيراتها من المدارس الحكومية والأهلية التي كانت منتشره في أرجاء مدينة عدن، لذا أستقطب لإدارتها والتدريس فيها أفضل المدراء وصفوة المعلمين من داخل وخارج البلاد فقد أوكل للأستاذ الحجازي محمد مكي إدارتها وتعاقب على إدارتها من بعده الأستاذ المصري محمد متولي سليمان والعلامة علي باحميش والقاضي محمد الصائغ والاستاذ عمر باناجه والقائمة تطول والذين أستطاعوا وبجداره شق الطريق أمام المدرسة نحو القمه وجعلوها تتفوق في جودة تعليمها على كثير من مدارس مدينة عدن.

لم تعتمد إدارة مدرسة بازرعة في بداية الأمر على مناهج معينه فقد كانت تُوكل لمدرسين المدرسة إختيار ما سيقومون بتدريسه للطلاب كون المدرسين كانوا من نخبة علماء ومثقفين عدن أمثال القاضي والشاعر محمد الزبيري والعلامة مطهر الغرباني والأستاذ عبدالله باذيب والمربي أحمد نعمان والموسيقار يحيى مكي وغيرهم الكثير والذين كانوا يقومون بتدريس القرآن الكريم والدين الإسلامي واللغه العربية والحساب ومادة التاريخ والجغرافيا والعلوم المختلفة حتى قيام المدرسة في أربعينيات القرن الماضي بإعتماد مناهج مستوحاه من مناهج بعض الدول العربية.

كان قبول الطلاب في مدرسة بازرعة مختلف عن غيرها من المدارس، فلم تشترط المدرسة حصول الطالب على شهادة ميلاد صادرة عن سلطات مستعمرة عدن والتي كانت تشترطه المدارس قبل الأستقلال، بل فتحت أسوارها للطلاب القادمين من خارج مدينة عدن ومن داخلها على حداً سواء، ليس هذا وحسب بل كان للطلاب الأيتام والفقراء وضع خاص، وتعدى نشاطها خارج المدرسة بإصدارها صحيفة الذكرى والتي كانت تطبع داخل المدرسة والقيام بتأسيس جمعية أسمتها جمعية مناصرة الفقير خدمة للفقراء والمعوزين من ساكني المدينة العتيقة.

كان الإقبال الشديد على مدرسة بازرعة والرغبة في تطويرها سبباً في هدمها وتوسعتها عام 1954 من قبل أبناء محمد بازرعة والذين استمروا برعاية المدرسة من بعده، حيث رفدت المدرسة بعد هذه التوسعة ثانويات وكلية عدن بطلاب متميزين والذين تقلدوا لاحقاً مكانه مجتمعية ومناصب رفيعه أمثال وزير التعليم الأسبق عبدالله باذيب والموسيقار يحيى مكي و الكثير من الأطباء والمهندسين والساسه والمثقفين، طبعاً بلغت شهرة المدرسة ذروتها عام 1959 عندما أستطاع نصف طلاب المدرسة الإلتحاق بكلية عدن بعد أن اجتازوا أمتحان المنافسة والذي كان شرط لدخول الكلية آنذاك.

بعد الإستقلال عن التاج البريطاني عام 1967 ظمت جميع المدارس الحكومية والأهلية تحت مظلت وزارة المعارف في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وتم عمل مناهج موحده لها في مطلع السبعينات، كانت مدرسة بازرعة إحدى تلك المدارس والتي غير إسمها إلى مدرسة الشهيد ناجي، إلا أن دورها في تنوير الطلاب ظل قائماً، ليعود إسمها مجدداً الى مدرسة بازرعة الابتدائية عام 1997 للميلاد، وظلت بهذا الاسم حتى يومنا هذا.

شهر يوليو عام الفان وخمسة عشر كان هناك فصل حزين في تاريخ مدرسة بازرعة حيث تعرضت لقصف صاروخي ذمر أجزاء واسعه منها الأمر الذي تطلب هدمها وإعادة بنائها من جديد، قام أبوبكر بازرعة بالتكفل ببناء المدرسة بأعلى المعايير المتبعه بل وإقامة دور إضافي لزيادة عدد الطلاب الذين تستوعبهم المدرسة ليصل إلى 700 طالبة، وتزويد المدرسة بالوسائل التعليمية لإيصال رسالة العلم والمَعرفة التي بدأها الشيخ محمد عمر بازرعة بتشييده هذه المدرسة والتي تعد ثاني مدرسة في اليمن والجزيرة العربية أجمع.

متعلقات