اخبار العاصمة عدن حال عدن معلول هل من مسؤول ؟..
السبت-27 يوليه - 01:53 م-مدينة عدن

التعبير البصري بالمغرب في كتاب «الصورة الفوتوغرافية» | سعيدة شريف( 2+ 3 )

الأحد - 09 يونيو 2024 - الساعة 08:09 ص بتوقيت العاصمة عدن

المغرب " عدن سيتي Z.Alsalmi متابعات









القسم الثاني والثالت

استعمالات الفوتوغرافيا وتأثيرها

وفي القسم الثاني من هذا الكتاب يهتم الكاتب باستعمالات الفوتوغرافيا المغربية وتأثيراتها، والدور الذي قامت به وماتزال في التوثيق لمجموعة من الأحداث والموضوعات والشخصيات، ولو أنها في فترات تاريخية مغربية سابقة كانت تقوم على الانتقائية والاختزالية وتكشف عن العنف الرمزي الذي مارسته الفوتوغرافيا الاستعمارية، وخير مثال على ذلك هو صورة اليهودي مسعود أسولين وزوجته في عرس يهودي وهو حافي القدمين في ثلاثينيات القرن الماضي في الجنوب الشرقي للمغرب، من قبل المصور والرسام الفرنسي جون بزانسونو Jean Besancenot، والمتضمنة في كتاب عن يهود المغرب، حيث كانت الذات المغربية، سواء كانت أمازيغية أو يهودية، ذاتا خاضعة للمستعمر ورغباته واستيهاماته، وهو ما حز في نفس اليهودي أسولين الذي طلب من ابنته حنة أسولين، إيجاد حذاء لرجليه بالتقنيات الحديثة، حتى لا تظل تلك الصورة على حالها. وما إصرار السيد أسولين، كما جاء في الكتاب، على ذلك الأمر إلا �تعبيرا عن انتساب اجتماعي وعن انتماء إلى أرض ومن ثم إلى وطن. ألم يشكل الحذاء في متخيل عدد كبير من الأفراد والجماعات والشعوب، وأيضا في تراث مجموعة من الحضارات والثقافات، وضمنها الثقافة اليهودية، رمزا للتحرر من الفقر والتهميش والعبودية، وكذلك إعلانا عن وضع اجتماعي راق، وتأكيدا على امتلاك سلطة رمزية ما�.



ومن الاستعمالات التي ركز عليها الكاتب بالنسبة إلى الفوتوغرافيا في المغرب، صورة الزعيم السياسي أو البورتريه السياسي من خلال التركيز على البورتريهات التي أعدها الفنان عبد الرحمان زكري لزعيم اليسار المغربي محمد بنسعيد آيت إيدر، والمتضمنة في كتاب صادر عن مركز للدراسات والأبحاث يحمل اسم هذا الزعيم الذي وافته المنية مؤخرا. وكذا صورة الغلاف في المجلات والصحف، من خلال التركيز على غلاف العدد 908 من مجلة “تيل كيل Telquel” الصادرة باللغة الفرنسية في شهر يونيو 2020 والذي ضم بورتريها للزعيم السياسي والمناضل والوزير الأول الراحل عبد الرحمان اليوسفي، الذي قاد حكومة التناوب بالمغرب (1998- 2002)، وذلك تحية وإشادة بشخصية هذا الرجل العظيم.



وإضافة إلى هذه الاستعمالات تحدث الكاتب عن الفوتوغرافيا الإشهارية وترساتها الحجاجية من أجل إقناع المشاهد/ المستهلك واستدراجه لاقتناء المنتج، وبطاقة التعريف الافتراضية التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في فترة وباء كورونا، حيث أقدم العديد من مستعملي هذه المواقع على نشر صور تجسد لحظات الطفولة أو الشباب، لينتقل هذا التحدي إلى نشر ملصقات للأفلام وأغلفة الكتب، وبهذا الشكل تم الكشف بشكل جماعي وعفوي وإرادي عن حيوات لم يكن يعرف عنها الشيء الكثير، غير أن هذا الغلو في التواصل بهذه المواقع الافتراضية له وجه سلبي، هو عزلة الفرد عن الجماعة وانطوائه على نفسه، وحرمانه من معاشرة ومخالطة الفضاءات العمومية التي تعج بالحركة والحياة الإنسانية.


أثر الفوتوغرافيا في السرد  

أما القسم الثالث من الكتاب، فأفرده الكاتب لأثر الفوتوغرافيا في الكتابات السردية المغربية من خلال السيرة الذاتية للكاتب المغربي سعيد بنكراد �وتحملني حيرتي وظنوني: سيرة التكوين� الصادرة عن المركز الثقافي للكتاب سنة 2021، ورواية �جيرترود� للشاعر المغربي حسن نجمي الصادرة عن المركز الثقافي العربي سنة 2011، وقبلهما عن رولان بارث ونصوصه التي كتبها عن المغرب، خاصة مؤلفه �وقائع Incidents�، الذي نشر بعد رحيله بسبع سنوات، وهو يضم ملاحظات سجلها في دفتر يومياته عن فترة إقامته وتجواله في العديد من المدن المغربية. وهو كتاب استحضر بارث فيه أسلوب كتابة تقوم على مجموعة من النصوص القصيرة المتميزة بالكثافة المرئية في بناء جملها، وكأنها لحظات فوتوغرافية هاربة.



رولان بارث ونصوصه التي كتبها عن المغرب في مؤلفه �وقائع Incidents�

وفي سيرة الكتاب المتخصص في السيميائيات سعيد بنكراد، تحضر صورة الأب التي رسمها الكاتب بأشكال مختلفة، نظرا لغياب صورة الأب الأصلية، ومعاناة الكاتب من اليتم وهو صغير السن، ولعل هذه المعاناة هي التي مكنت الكاتب، كما يقول جعفر عاقيل، من �إعادة تمثيل صور كثيرة عن الأب، ليس بالمعنى الفوتوغرافي المحض، وإنما بأسلوب يعتمد تفكيرا يتمازج فيه التجريد والتخييل والوصف والحكي والعشق، وأيضا بوعي متآلف ومدرك لخصوصيات تاريخ المشاهدة وتقاليد الإدراك التي أرستها الصورة الفوتوغرافية في المجال البصري�.

رواية �جيرترود� لحسن نجمي، ترسم سيرة غيرية للكاتبة الأمريكية جيرترود ستاين، غلاف الرواية لوحة لبابلو بيكاسو



وفي رواية �جيرترود� للكاتب والشاعر حسن نجمي، يرسم هذا الأخير سيرة غيرية للكاتبة الأمريكية جيرترود ستاين، فمن غلاف الرواية الذي يضم لوحة لبابلو بيكاسو إلى فصول الرواية، تحضر لغة الصورة، وتحديدا البورتريه كمكون أساسي في كتابة النص ونسج خيوط أحداثه، وإنتاج مضامينه. وبهذا الشكل تكون هذه التجربة الروائية، حسب صاحب هذا المؤلف، قد أثارت مجموعة من الأسئلة والقضايا المرتبطة بالعلاقات الممكنة أو المستحية ما بين الكتابة والفنون البصرية والحدود الفاصلة بين هذه السجلات، وخاصة الفوتوغرافيا.      

***

كتاب �الصورة الفوتوغرافية� للمغربي جعفر عاقيل.. يرصد التعبير البصري بالمغرب ويسائل متونه، بقلم سعيدة شريف



ولد جعفر عاقيل سنة 1966 بمكناس ويقيم حاليا بمدينة الرباط/المغرب. يعمل كأستاذ للتعليم العالي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط/ تخصص فوتوغرافيا وتحليل الصورة. حصل سنة 2004 على الدكتوراه في موضوع “تحليل الصورة الإشهارية التلفزية بالمغرب: مقاربة سيميائية”. ومنذ ذلك الوقت انصبت اهتماماته الأكاديمية حول موضوع جوهر الصورة واستعمالاتها وتحليل تأثيراتها على الأفراد والجماعات. نشرت له مجموعة من الدراسات والأبحاث بمجلات مغربية وعربية. كما صدر له سنة 2014 ألبوم فوتوغرافي، بعد إقامة فنية بالإقامة الدولية للفنون بباريس، تحت عنوان: �الدار البيضاء – باريس: تِـجْوالات�، وسنة 2015 عن منشورات الفنك كتاب موسوم بــ�نظرة عن الصورة الفوتوغرافية بالمغرب�.



سعيدة شريف؛ كاتبة وإعلامية مغربية

انتهى












متعلقات