الإثنين-07 يوليو - 07:28 ص-مدينة عدن

بالبكائية الوداعية المنتحبة.. صدقوا " قراره بالرحيل"

الثلاثاء - 21 مايو 2024 - الساعة 04:28 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتي " محمد العولقي




كانوا يعلمون أنه اتخذ قراره بالرحيل..لكنهم مع ذلك لم يصدقوا الخبر إلا مع وداعية البكاء و النحيب..
تيتم عشب ملعب أنفيلد..بكاه الملعب بقطر الندى..انتحبت المدرجات الحمراء..عويل مدينة ليفربول كان يصم الآذان..
حانت لحظة الوداع بين يورغن كلوب و ليفربول..لم يكن وداعا عاديا بين مدرب و فريق..كان وداعا جنائزيا مهيبا بين مدرب ثائر على التقاليد و مدينة عشقت هذا الألماني رجل الفيزياء عشقا مبرحا..و أحبته حبا وصل إلى حد تبادل الأفكار و الخواطر..
جاء يورغن كلوب في زمن هيمنة مانشستر سيتي..جاء في زمن يرقص فيه ليفربول على سنوات عجاف من دون رغبة..جاء في زمن بيب غوارديولا الذي يغمض عينيه فيتمنى.. و عندما يفتحهما يجد أن أمنياته تحققت..
جاء يورغن في زمن بخلاء ليفربول لا ينفقون مالا إلا بطلوع الروح..و مع ذلك صاغ الألماني قانونا فيزيائيا أحمر سمح له بأن يكون المنافس رقم واحد لأطماع السيتي..
يورغن كلوب أنسى مدينة ليفربول سنوات القحط..كان أول مدرب يفك عقدة ليفربول و ينسف نبوءة المرأة الحديدية مارغريت تاتشر و يلقي بها في اليم..
بقدرات أقل.. و جودة لاعبين أقل.. و بإنفاق مالي أقل..صنع كلوب ملحمة حمراء.. وقف في حلق بيب غوارديولا مثل شوكة سمك..
تأثير يورغن كلوب على ليفربول كان أكثر من تأثير اللاعبين على نتائج الفريق.. فلسفته الخاصة كانت نفسية بالدرجة الأولى..ثق في لاعبيك..سيطر عليهم..كن لهم أبا و صديقا..و ستذوب الفوارق مع الآخرين..و ستصنع من الفسيخ شربات..
يورغن كلوب هذا ساحر بالفعل..قارئ ممتاز لمكنونات النفس..يبدو و كأنه فرويد جديد.. كلما دفع بلاعب صغير.. تحول إلى رهان رابح..و كلما حاصرت فريقه الإصابات كلما ابتدع حلولا ترميمية يصعب تصديقها في دوري حارق كالبريمرليج.
نفخ يورغن كلوب من روحه في جسد تنين ليفربول..انتفض التنين المجنح..استعرت النار في جوفه..فاز بالدوري مرة نعم..لكنه كان الوحيد الذي طير النوم من عيني غوارديولا..كان الوحيد الذي وقف الند للند للسطوة المالية للسيتي و المان يونايتد و تشيلسي..
مع كلوب حلق تنين ليفربول بجناحين من فولاذ..غطى مساحة القارة العجوز..نصب نفسه مرة بطلا على رقعتها الجغرافية..و كان حاضرا يفتش دائما عن رحلة جديدة لإغناء الأرشيف..
يورغن كلوب رحل عن ليفربول..كان وداعا حالكا لمدرب هو في الأصل نبض مدينة و روح فريق و وقود جمهور..
رحل يورغن كلوب عن ليفربول مع الأسف و الاحترام.. تاركا خلفه نعيا و حدادا و سرادق عزاء و نزيفا لا يتوقف و شعارا سيفتقده كلما لاح برق هذا الألماني الذكي الذي جعل ليفربول يمشي منتصب القامة مرفوع الهامة..
انتهت الحكاية..
ليفربول بدون كلوب..كساع إلى الهيجاء بغير سلاح..

محمد العولقي

متعلقات