الجمعة-10 مايو - 10:48 م-مدينة عدن

هل يكشف الذكاء الاصطناعي التزييف في واقع الحياة و يساعد الإنسان على أن يكون بعقل متعاون لا عابث ؟!

السبت - 27 أبريل 2024 - الساعة 08:58 م بتوقيت العاصمة عدن

عدن " عدن سيتي " تقرير .. وهيب عثمان سعد

ٰ                               



*حقًا أن حياتنا امتلأت بالعبث و بظلم الإنسان للإنسان ، و الأرض بالعجزة من الأحياء التي تأخذ و تستهلك و تعبث و لا تنتج أو تعطي أو تتعاون و تصلح ؛ كائنات لا تقوى على التأثير الفاعل فيها بشكل إيجابي ، حتى اصبحت الأرض ممتلئة بغابات من الكائنات العابثة بما فيها الإنسان ، لا تعرف إلّا العبث بالآخر  ، وصلت إلى المرحلة التي فيها القوي يأكل الضعيف ، و يبقى الأقوى هو المسيطر في الغابة دومًا ، و ماكان لهذا الوضع أن يكون لولا غرور و غطرسة الإنسان على بعضه و بقية الكائنات الحية الأخرى ، و بالذات تلك التي تفوقه مقدرة بالحواس ؛ هذا الإستعلاء جعل منه هو الآخر كائنًا مكابدًا لظروف قاسية صنعها بنفسه و لم تأتيه من الآخرين أو العدم ، و ما حدث في مثل هذا اليوم من عام ١٩٩٤م خير دليل بغطرسة و غرور بعض عقول البشر ..*

*إن الكائن البشري العاقل مستمر في عجز التأقلم بسلام مع بقية الكائنات الحية و الإستفادة من قدراتها في تغيير شكل و نمط الحياة التي يكابدها ،  و هو وحده من الكائنات الحية الذي يمتلك المقدرة  في تغيير  الأحياء " غير العاقلة " نحو التعقل ! و بالتالي تكون سند له في مواجهة صعوبات الحياة و تسهيل عراقيلها و تقليل اخطارها  ؛ فالقرد ليس بعاجزٍ حتى يقوم بدوره كالإنسان ، في الإعتناء بنفسه من مأكل و مشرب ، بل و يقدم خدماته للآخرين ، و يتحول إلى كائن ( عاقل !) و قد شاهدنا كيف يذهب إلى ساحل البحر ليصطاد السمك ، ثم يعود بما اصطاد محمولًا على عربته نحو مطبخ المنزل الذكي و يقوم بكامل متطلبات الطهي الطبيعي ، ثم يُقدِّم الوجبة له و لرفيقه أو ضيفه الكلب  !!..*


*قد يتسائل البعض كيف تطور ذلك القرد من كائن ذو أربعة قوائم إلى إثنين منها ، و قارب في هيئته شكل الإنسان أكثر من بقية أنواع الكائنات الحيَّة ، و بالطبع فإن الإجابة عليه مهما كانت ، لن تحقق الإكتفاء عند الانسان ذو العقل الجهول ، لأن الاسئلة عنده من مثلها كثيرة ، من قبيل ؛ و ما الذي جعل الكلب يقوم بدور الإنسان الممرض في جس نبض الإنسان المريض و إتقان مواعيد تناول ادويته ؟ و الدجاجة تعزف على البيانو محاكاة لسيمفونية بيتهوفن الشهيرة ؟ ، و طائر الببغاء يقلد صوت الإنسان و يكشف حالة العجز عند الإنسان السليم في حاسة النطق ، و الثعبان يصدر صوتًا يتناسب مع نوتة موسيقية تُلقى على مسامعه ، و الحمام الزاجل يعود إلى مسكنه حتى و إن كان على بعد اوطان  ، و ما الذي جعل الحمار يتقن عمليات الجمع و الطرح البسيطة في الحساب ، و ما الذي جعل مختلف الحيوانات ذات الحوافر أن تستشعر الزلازل قبل أن يعلم بها الإنسان ، و ما الذي جعلها على مختلف أنواعها أن تتجنب المخاطر و تتآلف مع بعضها على (خلاف فطرتها ! ) و تؤدي مع بعضها مشاهد بهلوانية في سرك تكون حياتها في خطر  عند ارتكاب خطأ داخل جزء من الثانية!! ..الخ*

*للأسف الشديد يظل عقل الإنسان الحالي متجاهلًا قدرات الكائنات الحية الأخرى ، و لم يستفد من قدراتها الحالية حتى نقول لكي ينميها و تكون عونًا له في مواجهة مصاعب الحياة ..*


*من هذه المقدمة ينبغي على الإنسان صاحب العقل الإستفادة من بقية الكائنات الحية في القدرات التي تنقصه و تتميز به على خلافه  ، في النظر و السمع و الشم  و الشعور ( التنبؤ بالاخطار كالزلزال مثلًا)  ، أن يدرك أن بإمكانه تغيير طبائع الحيوانات بالتربية و التدريب و التعليم و تغيير فطرتها على مراحل ، من سلبيتها في الطبيعة إلى تعاونها  ، و إن ذلك قد يبدو صعبًا على الإنسان تحقيقه ، لمحدودية قدراته ، لكن مع اقتناعه بضرورة التعايش الإيجابي على هذه الأرض و مع دخول عالم الذكاء الاصطناعي فإن ذلك يبدو ممكنًا  ..*


*و مع دخول الذكاء الاصطناعي في حياتنا فإن أثره الايجابي  سوف يدفع بنا نحو المستقبل و زمنه الذي تخلفنا عنه ، لماذا لا و هو يضم عدة آلاف من العقول النابغة في عقل واحد ، و له القدرة في استيعاب المزيد منها بإستمرار ، يستطيع إذًا  يستكشف اسباب القدرات المتميزة بين الإنسان و الكلب مثلًا ، في حاسة الشم و السمع و الشعور ،  و من ثم محاولة زرعها فيمن يقتصر عليها ، و الغاية تكون في الإنسان حتى يكون أكثر إكتمالًا بعد تجربتها في البداية على الكائنات الأخرى  ، لكنها مع الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يظهر ذلك من عدمه ، بل و يتنبأ بالتغيير الممكن ، مثلما يفعلها الآن البحث في جوجل عند تشغيل خاصية التنبؤ بالكلمات التي تقارب كلمات البحث المطروحة ، لكن مع الذكاء الاصطناعي قد ينقلها من رأسك مباشرة بمجرد التفكير فيها و يظهر لك أفضل الاحتمالات الممكنة و حسب الاولوية ..*


*إن مستقبل الذكاء الإصطناعي لن يتوقف عند صناعة روبوتات من انواع متطورة أكثر مما هي الآن في الخيال العلمي لإنسان الحاضر ، بل ربما تفوق الخيال العلمي لإنسان المستقبل ..فيمكن للنحوي المتمكن في اللغة العربية أن لا يكون في حالة اندهاش و استغراب في قدرة الذكاء الاصطناعي إقناعه بإظهار عيوب بالجملة في مقطوعة شعرية أو كلام منظم و موزون و التي يقال عليها خالية من الأخطاء و العيوب  ،  و كذلك الطبيب الحالي الذي لا يجد ضرورة أخرى في نقل  الدم من إنسان إلى آخر غير تطابق عينتها ، لكن طبيب المستقبل مع الذكاء الاصطناعي يمكنه مسح الكود الرقمي للدم في عينة محددة و إظهار مدى توافقها مع أخرى من نفس العينة ، و لا يوجد في الدم  تطابق ١٠٠٪  في عصر الذكاء الاصطناعي ، حتى من جسم إنسان واحد عندما تؤخذ العينتين من مكانين مختلفين ، و في زمنين مختلفين ، في نفس الجسم ، عندما يتغير رقم واحد من بين مليارات الارقام داخل هذا الكود فإن الأمر يمكن تجاهله ، لكن مع مستقبل الذكاء الاصطناعي  سوف يؤخذ بعين الاعتبار ، و لا يمكن تجاهله حينئذٍ ، لاشتراكه في إعطاء المعلومات و التفاصيل الدقيقة عن الدم بما فيه من امراض قديمة و مستقبلية و من يدري قد يكون في الدم شفرة حياة الشخص نفسه التي لا تتوافق مع أخرى ، و بالتالي نحن بصدد حياة مستقبلية في طبيعة توافق رقمي و لا توافق عيني او صنفي أو حسبما هو معمول في الطب حاليًا ..*

              *وهيب عثمان سعد*
                  ٢٧ابريل٢٠٢٤م




ٰ                            ٰ

متعلقات