الاعتراف بإرادة شعب الجنوب العربي.. استثمار في السلام لا مخاطرة سياسية
السبت - 20 ديسمبر 2025 - الساعة 06:16 م بتوقيت العاصمة عدن
عدن سيتي _متابعات
يمثل الاعتراف بإرادة شعب الجنوب العربي خطوة عقلانية نحو بناء سلام مستدام، لا مخاطرة سياسية كما يحاول البعض تصويره، من قبل قوى الشر وتيارات قوى الاحتلال.
فالتجارب التاريخية والسياسية تؤكد أن تجاهل مطالب الشعوب لا يؤدي إلى الاستقرار، بينما يشكل الإصغاء لإرادتها استثمارًا طويل الأمد في الأمن والسلام. وفي حالة الجنوب العربي، فإن الاعتراف بالإرادة الشعبية لا يفتح باب الصراع، بل يسهم في إغلاقه عبر معالجة أسبابه الجذرية.
وقد تعرض شعب الجنوب العربي على مدى عقود طويلة لأشكال متعددة من الإقصاء والتهميش، حيث جرى استبعاده من المشاركة العادلة في القرار السياسي، وحرمانه من إدارة موارده، وتفكيك مؤسساته، في سياق سياسات ممنهجة مارستها قوى الاحتلال اليمني.
لم يقتصر الأمر على التمييز السياسي والاقتصادي، بل امتد ليشمل عنفاً منظماً طال الإنسان والأرض والهوية، ما خلّف جروحاً عميقة في الوعي الجمعي الجنوبي.
غياب العدالة كان عاملًا مركزيًّا في إطالة معاناة أبناء شعب الجنوب العربي. فلم تُنصف الضحايا، ولم تُحاسب الجهات المسؤولة عن الانتهاكات، وبقيت الذاكرة الجماعية مثقلة بإرث من المظالم غير المعالجة.
هذا الفراغ في منظومة العدالة أسهم في تكريس الشعور باللا إنصاف، وأضعف الثقة بأي مشاريع سياسية لا تعترف بهذه المعاناة ولا تقدم ضمانات حقيقية لعدم تكرارها. وعليه، فإن أي مقاربة سياسية تتجاوز مسألة العدالة والاعتراف بالحقوق المشروعة محكومة بإعادة إنتاج الأزمة نفسها.
في هذا السياق، يبرز حق تقرير المصير لشعب الجنوب العربي بوصفه حقاً مكفولاً في القانون الدولي، ومرتكزًا أساسيًا لحماية الشعوب التي عانت من الاضطهاد والإقصاء.
هذا الحق لا يُمنح من باب المجاملة السياسية، بل يُقر كوسيلة قانونية وأخلاقية تتيح للشعوب اختيار مستقبلها بحرية، وبناء كيان سياسي يعكس إرادتها ويصون كرامتها. كما أن تمسك الجنوبيين بهذا الحق يأتي استجابة لتجربة تاريخية فاشلة، لا بدافع المغامرة أو القطيعة غير المحسوبة.
الاعتراف بإرادة شعب الجنوب العربي، والتعاطي الجاد مع حقه في تقرير مصيره، يمثلان مدخلاً واقعياً لإنهاء صراع طويل، وبناء سلام قائم على العدل لا على الإكراه. فالسلام الحقيقي لا يُبنى بتجاهل المظالم، بل بالاعتراف بها ومعالجتها ضمن إطار يحترم إرادة الشعوب وحقوقها المشروعة.