المقاومة الجنوبية… من شعاب الجبال إلى جيش يحمي الوطن من المهرة إلى باب المندب

الإثنين - 15 ديسمبر 2025 - الساعة 08:18 م بتوقيت العاصمة عدن

عدن "عدن سيتي" خاص



لم تكن المقاومة الجنوبية وليدة لحظة عابرة، بل نتاج مسار طويل من النضال بدأ عقب حرب صيف 1994، حين فُرض واقع سياسي وعسكري جديد على الجنوب بالقوة. في تلك المرحلة، تشكّلت أولى ملامح الرفض المنظم عبر حركة “موج” التي مثّلت الشرارة الأولى للمقاومة الجنوبية، وقادتها قيادات جنوبية رفضت نتائج الحرب وسعت إلى إعادة الاعتبار لقضية الجنوب، وإحياء روح التمرّد على واقع الإقصاء والتهميش.

ومع مرور السنوات، توسّعت دائرة العمل الوطني الجنوبي بظهور حركات وتنظيمات أخرى مثل حتم، تاج، واللجان الشعبية، ما أسهم في تراكم الوعي السياسي والنضالي داخل المجتمع الجنوبي. وجاء عام 2007 ليشكّل محطة مفصلية بإطلاق الحراك السلمي الجنوبي، الذي نقل القضية الجنوبية من الأطر النخبوية إلى الفضاء الشعبي الواسع، وأعادها بقوة إلى واجهة المشهد اليمني والإقليمي، من خلال مليونيات سلمية رفعت مطالب استعادة الحقوق والهوية الجنوبية.

التحول الأكبر جاء في عام 2015، مع اجتياح مليشيات الحوثي للجنوب، حيث انتقل النضال الجنوبي من مربع العمل السلمي إلى المقاومة المسلحة دفاعًا عن الأرض والإنسان. في تلك اللحظة، تشكّل العمود الفقري للمقاومة في عدن ولحج والضالع وأبين، مدعومًا بإسناد مباشر من التحالف العربي، وفي مقدّمته دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لعبت دورًا محوريًا في دعم معركة التحرير وبناء القدرات الأمنية والعسكرية.

وخلال فترة قصيرة، تحولت المقاومة الجنوبية من تشكيلات شعبية متفرقة إلى جيش جنوبي منظم، مع تأسيس وحدات وقوات متخصصة شملت: قوات العمالقة الجنوبية، النخبة الحضرمية، النخبة الشبوانية، قوات الحزام الأمني، ألوية الدعم والإسناد، قوات مكافحة الإرهاب، قوات دفاع شبوة، وقوات العاصفة. هذا التحول مثّل نقلة نوعية في مسار الجنوب، من حالة رد الفعل إلى بناء مؤسسة عسكرية بعقيدة واضحة ومهام محددة.

اليوم، باتت القوات الجنوبية تنتشر على امتداد جغرافيا الجنوب، من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا، وتضطلع بمهام استراتيجية تشمل حماية السواحل والموانئ والمطارات وخطوط التجارة الدولية، إلى جانب دورها المحوري في مواجهة مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية، وصون هوية الجنوب وأمنه واستقراره.

إن مسيرة المقاومة الجنوبية، من شعاب الجبال إلى بناء جيش منظم، تعكس تحوّل قضية الجنوب من حالة تهميش قسري إلى واقع سياسي وعسكري فاعل، فرض نفسه في معادلات الداخل والإقليم، وأعاد للجنوب مكانته وهيبته بعد عقود من الصراع.

متعلقات