كاتب سعودي يقدّم خريطة طريق نحو النجاح الحقيقي في الحياة

الإثنين - 24 نوفمبر 2025 - الساعة 12:01 ص بتوقيت العاصمة عدن

عدن سيتي _متابعات



أعاد الكاتب السعودي محمد الهاجري فتح أحد أكثر الأسئلة إلحاحاً في مسار تطوّر الأفراد والمجتمعات وهي سبب فشل الناس، حيث ‏جاء ذلك في سلسلته المكوّنة من جزأين نُشرت في صحيفة اليوم السعودية، قدّم خلالها رؤية تحليلية عميقة تمزج بين الخبرة الإنسانية والمفاهيم النفسية والسلوكية، إضافةً إلى نماذج واقعية توضح أن الفشل ليس حدثاً طارئاً، بل نتيجة تراكمات طويلة من السلوكيات الخاطئة والقرارات غير المحسوبة.
و‏استهل الهاجري مقاله الأول بنقد شائع لمفهوم النجاح في المجتمعات، مؤكداً أن كثيراً من الناس ينظرون إلى الناجحين باعتبارهم محظوظين أو يمتلكون شيئاً خارقاً، بينما يغفلون الجوانب الأكثر أهمية، مثل الالتزام والانضباط والعمل المتواصل.
وقال الكاتب في مقاله ‏“من يظن أن النجاح يأتي من ضربة حظ واحدة لم يفهم بعد قانون الحياة"، مضيفًا "أن هذا التصوّر المغلوط هو أحد أسباب فشل الناس، لأن من ينتظر الحظ سيبقى أسير التمني، بينما من يفهم طبيعة النجاح يعلم أنه يتطلّب استعداداً وتضحيةً وصبراً طويلاً".
وأضاف "أن كثيراً من الناس يفشلون لأنهم لا يبدأون أصلًا، فالتردد، كما يصفه، هو “السجن النفسي الأكبر”، حيث يعيش الفرد بين رغبات كبيرة وخطوات صغيرة لا تُتخذ، ليجد نفسه في حلقة مفرغة من انتظار اللحظة المناسبة التي لا تأتي".
وأكد أن الفرق بين الناجحين وغير الناجحين ليس في القدرات، بل في الجرأة على اتخاذ الخطوة الأولى، قائلاً "الفرص لا تأتي إلى الباب، بل تُصنع بالتحرك"، كما أن كثيراً من الناس يملكون أحلاماً كبيرة، لكنهم يفتقرون للخطط الواضحة ‏فالهدف بلا خطة يتحوّل  بحسب تعبيره إلى وهم جميل لا أكثر".
‏وأشار إلى أن التخطيط ليس عملية معقدة كما يتصور البعض، بل هو سلسلة خطوات واضحة تبدأ بتحديد الاتجاه وتنتهي بالعمل اليومي المنتظم، مُضيفاً ‏“النجاح لا يحدث صدفة .. إنه نتيجة انتظام"، منتقدًا ظاهرة المقارنة، ويرى أنها واحدة من أكثر السلوكيات فتكاً بالثقة النفسية، ‏فالإنسان وفق ما ذكره عندما يقارن نفسه بالآخرين دون إدراك اختلاف الظروف والبيئات، فإنه يخلق فجوة وهمية تولّد الإحباط وتمنعه من التقدم.
وتابع أن "الفشل الحقيقي لا يحدث حين نتعثر، بل عندما نتوقف عن المحاولة، ‏فالاستسلام عند أول عائق هو ما يصنع الفاشلين وأما الناجحون، فهم الذين يستمرون رغم الصعاب، ويحوّلون تجاربهم إلى دروس ترتقي بهم، ولهذا يصف الفشل بأنه “متطلب أساسي للنجاح”، وأن التجارب القاسية ليست نهاية الطريق، بل بدايته".
‏وفي الجزء الثاني من مقاله، تعمّق الهاجري في البنية العقلية التي تفرّق بين الإنسان الناجح والآخر الذي يتعثر، مُشيراً إلى أن الفرق ليس في الذكاء ولا في القدرات، بل في العقلية التي تقود كليهما، حيث شرح أن هناك نوعين من العقليات هما عقلية النمو التي تؤمن بأن المهارات تُبنى بالتعلم والتجربة؛ وأن الفشل محطة، لا نهاية، وعقلية الثبات التي ترى أن القدرات ثابتة، وأن أي محاولة للتغيير محكومة بالفشل أو غير مجدية.
‏ويرى الهاجري أن المجتمعات التي تشجع العقلية الأولى تنجب مبدعين وقادة، بينما المجتمعات التي تحاصر أفرادها بعقلية الثبات تنتج جيلاً يخاف من المحاولة، فيما توقف عند نقطة مركزية وهي أن النجاح يصنعه النظام والانضباط أكثر مما يصنعه الذكاء، ‏فالإنجاز كما يوضح نتيجة تراكم يومي، لا انفجار مفاجئ للقدرات.
‏وأشار إلى أن المبدعين في مجالات الرياضة والعلوم والفنون لم يصلوا لما وصلوا إليه إلا بالعمل الجاد، والالتزام، وتطوير مهاراتهم باستمرار، كما ‏توسع الهاجري في الحديث عن دور التعليم، خاصةً علاقة الطالب بمعلمه، مشدداً على أهمية البيئة المحفزة التي توفر الشغف والدعم للطلاب، مؤكدًا أن المعلم الذي يمتلك شغفاً حقيقياً يمكنه أن يغيّر مستقبل طالب بالكامل، وأن التعليم ليس تلقيناً بل صناعة إنسان قادر على التفكير والإبداع.
‏واختتم الكاتب السعودي سلسلته برسالة ملهمة تدعو كل فرد إلى إعادة النظر في طريقة تفكيره ونمط حياته، مؤكداً أن النجاح ليس حكراً على فئة معينة، ولا نتيجة حظ أو عبقرية استثنائية، بل هو حقّ لكل من قرر أن يعمل بجدّ، ويتعلم، ويصبر، ويبدأ من جديد مهما تعثر.

متعلقات