شرارة مارس 2007 تعود من جديد… المتقاعدون المسرّحون قسراً يقودون حشداً جنوبياً قد يقلب المشهد من بوابة المعاشيق

الجمعة - 14 نوفمبر 2025 - الساعة 11:58 م بتوقيت العاصمة عدن

عدن "عدن سيتي" محمد السقاف



تستعد العاصمة عدن لحدث احتجاجي بارز يعيد إلى الواجهة الدور النضالي الثوري و التاريخي لجمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين الجنوبيين المسرّحين قسراً، الذين كانوا الشرارة الأولى لانطلاق الحراك الجنوبي السلمي في الرابع والعشرين من مارس 2007 من جمعية المتقاعدين قبل أن تتسع رقعته إلى مختلف محافظات الجنوب.

وفي خطوة تعكس تصاعد الغضب الشعبي جراء تفاقم الأزمة الاقتصادية واستمرار انقطاع المرتبات، أعلنت هيئة رئاسة مجلس التنسيق الأعلى لجمعيات المتقاعدين الجنوبيين عن دعوة عامة للاحتشاد والاعتصام أمام بوابة القصر الرئاسي في المعاشيق بالعاصمة عدن يوم الثامن والعشرين من نوفمبر 2025 الساعة التاسعة صباحاً.

البيان الصادر عن المجلس حمّل السلطات التنفيذية والمالية مسؤولية حرمان الموظفين والمتقاعدين من رواتبهم على مدى واحدٍ وعشرين شهراً، بينها خمسة أشهر من العام الحالي وستة عشر شهراً من الأعوام الماضية ، ووصف البيان ما يتعرض له الموظفون والمتقاعدون بأنه «معاناة لا يمكن الصبر عليها بعد اليوم»، مؤكداً أن السلطات تستلم مخصصاتها ورواتبها بالعملات الصعبة بانتظام، بينما تُترك آلاف الأسر في وضع «الجوع والعوز والإذلال».

ودعا المجلس جميع المكونات السياسية والمجتمعية والاتحادات والنقابات والأحزاب، إضافة إلى موظفي الدولة مدنيين وعسكريين والمقاومة الجنوبية، إلى المشاركة الواسعة في هذا التحرك التصعيدي الذي وصفه بأنه محطة مفصلية لاستعادة الحقوق وإنقاذ ما تبقى من الوضع المعيشي المتدهور ، وأكد البيان أن المعتصمين سيعلنون من داخل ساحة الاعتصام عن الخطوات التصعيدية اللاحقة، مشدداً على أن الحقوق “لا تُمنح وإنما تُنتزع”.

عودة المتقاعدين إلى صدارة المشهد السياسي والحقوقي تحمل دلالات واسعة، إذ تستحضر ذاكرة الجنوب مشهد 2007 عندما تحولت مطالب المتقاعدين إلى حركة ثورية جماهيرية عارمة قادت إلى تأسيس الحراك الجنوبي السلمي المطالب بتحرير واستقلال الجنوب ويرى مراقبون أن ثقل هذه الشريحة، التي عانت لعقود من الإقصاء والتسريح القسري، يجعل من دعوتها الحالية أكثر قدرة على تحريك الشارع الجنوبي، خصوصاً في ظل الظروف المعيشية الخانقة وغياب الحلول الحكومية.

ويرجّح محللون سياسيون أن حشد 28 نوفمبر قد يشكّل نقطة تحول جديدة في المشهد الجنوبي، بالنظر إلى حجم السخط الشعبي واتساع رقعة المتضررين من معاناة انقطاع المرتبات وتدهور الخدمات، غير أن مستقبل هذا التحرك يبقى مرهوناً بقدرة قيادة المتقاعدين على توحيد الصف الجنوبي وتوجيه الاحتجاجات نحو أهداف واضحة ومدروسة، إضافة إلى طبيعة ردّ السلطات ومدى استعدادها للاستجابة للمطالب أو التعامل معها بالوعود التقليدية والترقيعية التي لم تعد تقنع الشارع.

ومع تصاعد التحضير لهذا الحشد، يبدو أن الجنوب مقبل على مرحلة أكثر تصعيداً، قد تحمل معها إما استعادة للزخم الثوري الذي خفت خلال السنوات الماضية، أو انفراجة حقيقية لازمة المرتبات إذا ما بادرت السلطات إلى معالجة ملف الرواتب والحقوق ، وبين هذين الاحتمالين، يبقى يوم الثامن والعشرين من نوفمبر موعداً يترقبه الجميع، باعتباره اختباراً جديداً لقدرة الشارع الجنوبي على استعادة صوته، وقدرة السلطة على مواجهة موجة غضب متنامية ومستمرة.

متعلقات