الشهيد/عمر علي حسن لميح.. مناضل بحجم وطن وشهيد بحجم الحلم الجنوبي

الأربعاء - 15 أكتوبر 2025 - الساعة 05:44 م بتوقيت العاصمة عدن

عدن "عدن سيتي" خاص


في ذاكرة الجنوب، هناك رجال لا يمرّون مرور الكرام، بل يخلّدهم التاريخ بأحرف من نور، لأنهم عاشوا للوطن وماتوا من أجله. ومن بين هؤلاء الرجال الأوفياء، يبرز اسم الشهيد المناضل عمر علي حسن لميح، أحد الرموز الوطنية البارزة الذين حملوا راية النضال منذ فجر ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، وواصلوا مشوار الكفاح جيلاً بعد جيل، حتى ختم مسيرته بالشهادة في سبيل الجنوب وقضيته العادلة.
من ردفان الثورة إلى ميدان المقاومة
كان الشهيد لميح من أوائل من التحقوا بركب الثورة ضد الاستعمار البريطاني، مؤمنًا بأن الحرية لا تُوهب بل تُنتزع. شارك بفاعلية في مسيرة النضال الأكتوبري، وظلّ بعد الاستقلال وفي مراحل الجنوب الصعبة، ثابتًا على المبدأ، مدافعًا عن وطنه وهويته.
ومع اجتياح القوات اليمنية للجنوب عام 1994، كان لميح في مقدمة الصفوف الرافضة للاحتلال، مؤمنًا أن الجنوب لا يُخضع، وأن صوت الحق لا يُسكت. وحين انطلقت شرارة الحراك الجنوبي، كان واحدًا من أبرز رموزه، وأحد المرجعيات الأساسية للمقاومة الجنوبية التي صاغت فكرها ووجّهت خطاها.
مناضل بالفكر والقلم قبل البندقية
لم يكن لميح مناضلًا ميدانيًا فحسب، بل كان مفكرًا وموثقًا للثورة، وصاحب القلم الذي حمل لواء الوعي والتحرير.
كان من المؤسسين الأوائل لـ "جمعية مناضلي الثورة"، ومن أبرز من كتبوا البيانات والمنشورات باسم مناضلي الثورة، التي كانت تُلهب الحماس في صدور الشباب وتُوقظ فيهم روح التحرير والانتماء.
كما شارك الشهيد الراحل بجهدٍ وافر في توثيق سير المناضلين الأوائل، وفي طباعة وتحرير كتب وفاء لرفاق دربه، مثل الفقيد المناضل صلحي، والمناضل الحاج مقبل، وساهم إلى جانب رفاقه في توثيق السيرة الذاتية للفقيد المناضل صالح أحمد مقبل المسلم، التي تكللت بإصدار كتاب عنه قبل أن يختم هو نفسه رحلته بشهادةٍ مشرفة.
سيرة تختصر معنى الوفاء
قدّم الشهيد عمر لميح للوطن الكثير، وكان نموذجًا للرجل الثابت على المبدأ، المؤمن بعدالة القضية، الرافض للمساومة أو التراجع.
لم يكن يسعى لمجدٍ شخصي، بل لمجد الوطن، فحياته كانت زريبة نضال كبيرة، احتضنت كل معاني التضحية والصدق والإخلاص.
الوفاء لأهل الوفاء
إننا إذ نكتب هذه السطور، فإننا لا نوثّق سيرة رجل فحسب، بل نُجدد العهد لكل الشهداء والمناضلين الأحرار بأن تظل مآثرهم حاضرة في ذاكرة الأجيال.
لقد عملنا مع بعض نحن والشهيد لميح في مسيرة الوفاء لرفاق الدرب، وطبعنا كتبًا عن المناضلين صلحي والحاج مقبل، كما شاركنا معه في إعداد سيرة الفقيد صالح أحمد مقبل المسلم، واليوم نكتب عنه هو، وفاءً لمن عاش صادقًا ومات وفيًّا.
رحم الله الشهيد عمر علي حسن لميح، فقد كان مدرسة في النضال، ومثالًا نادرًا في الإخلاص، سيبقى في وجدان الجنوب علمًا من أعلامه، وصوتًا خالدًا في ذاكرة الثورة.
المجد والخلود للشهداء الأبرار، والوفاء لرموز الوطن الأحرار، والنصر لقضيتنا الجنوبية العادلة.


بقلم / عبدالسلام محمد قاسم

متعلقات