تعز المغتصبة وأولاد القحبة!
الأحد - 21 سبتمبر 2025 - الساعة 05:50 م بتوقيت العاصمة عدن
تعز "عدن سيتي" فتحي أبو النصر
يقف العميد جميل عقلان، أركان حرب فرع قوات الأمن الخاصة في تعز، محاطا بثلاثة آلاف جندي يتمركزون في التربة وقدس، بينما تُغتصب المدينة كل صباح ومساء، بلا مقاومة، بلا صفارة إنذار، فقط شهقات الضعفاء ودماء الشهداء.
يحدث ذلك في مدينة اختلط فيها الدخان بالدم، والبزات العسكرية بروائح التجارة والمضاربة العقارية.
ثلاثة آلاف جندي! لو تحركت بهم نسمة عدل واحدة، لأمكن لها تنظيف المدينة من قمامتها الأمنية في أسبوع.
لكن "أمن تعز" لا يحرس المدينة بل يحرس مصالحه: مزارع، وشاحنات، وتجارة. أما الرصاص، فموجه نحو صدور الثائرين، لا اللصوص.
ويا لسخرية الموقف..
جميل عقلان، ذاك الذي ينبغي أن يكون حارس البوابة الأخيرة لتعز، أصبح تاجرا يفاوض على الأمن، يشتري الوقت، ويبيع الخوف.
أمن خاص؟ بل أمن خاص بـ"الفرع الاستثماري"، لا الأمن العام.
وفيما تصرخ دماء الشهيدة افتهان المشهري من تحت التراب، لا نسمع سوى صدى الصمت من أولئك المتخمين بالمخالفات، قادة "المفصعين"، الذين صاروا حماة للنهب وممثلين مسرحيين بارعين في دور الوطنيين.
لكن المدينة، أيها السادة، تُغتصب!
وليس في الأمر مجازا أدبيا.
بل تعز تُغتصب حرفيا على يد قوى محسوبة على الشرعية، يكتفي قادتها بإدارة مناطق نفوذهم كما لو أنهم أمراء حرب. أو تجار بورصة.
ولا تسألني عن المسؤولية، فالذين يُفترض بهم أن يدافعوا عنها، يبيعونها على مراحل.
لكن الجميل في الأمر أن المواطن بات يميز بين من يحميه ومن يبيعه.
والسيء؟ أن الصوت الصادق يُقمع، أو يُتهم بالتحريض، أو يُقتل.
لكن لحظة!
ليس كل شيء سوداويا، فدم الشهيدة افتهان لم يُسفك عبثا. بل هو السطر الأول في نهاية الرواية القذرة. ذلك الدم، وإن جف على الإسفلت، ما زال يكتب، يفضح، ويكشف.
في النهاية، لا تعنينا خطب التبرير ولا تصاريح "سنحقق".
بل نريد أمنا لا استثمارا، دولة لا دكاكين، نريد ضباطا لا تباع ضمائرهم بالكيلو.
فتعز لا تحتاج لحماة يتاجرون بها، بل لمن يذودون عنها، دون مقابل، دون أطماع، ودون مزارع.
وإلى أولاد القحبة: تعز المغتصبة لن تسكت، وإن صمتت أعواما.!