لعنة الجنجويد.. إنهم يحرقون دارفور
الأحد - 24 أغسطس 2025 - الساعة 11:56 ص بتوقيت العاصمة عدن
"عدن سيتي"متابعات
عاش إقليم دارفور سنوات سوداء فى السابق، عندما شهد أعمال إبادة جماعية وتطهير عرقى ارتكبتها ميليشيات الجنجويد الموالية لنظام عمر البشير قبل أكثر من عشرين عاما، وللأسف تتكرر مُجدّدا بعد كل تلك الأعوام، وعلى أيدى المجرمين أنفسهم، بعدما تحوّلوا من عصابات قبائلية، إلى ميليشيا ذى طابع عسكرى تحت مُسمّى «قوات الدعم السريع».
تتجه الأنظار نحو إقليم دارفور، الذى يعيش سكانه فى ظروف قاسية للغاية، خاصة مع استمرار ميليشيا الدعم السريع فرض سيطرتها على الإقليم، الذى سقط نحو 80% منه فى يد الدعم السريع.
ويعيش إقليم دارفور، وبشكل خاص مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ظروفا إنسانية قاسية، فى ظل شح المواد الأساسية والسلع الضرورية، بسبب الحصار الذى تفرضه الدعم السريع على المدينة، المحاصرة منذ ما يزيد على العام.
وأفادت تقارير صادرة عن برنامج الغذاء العالمى، أن العديد من سكان الفاشر، يعيشون على علف الحيوانات وبقايا الطعام، وبينما يواصل برنامج الأغذية العالمى تقديم دعم نقدى لحوالى ربع مليون شخص فى المدينة، مما يسمح لهم بشراء الطعام المتضائل فى الأسواق، فإن هذه المساعدة لا تتناسب مع الاحتياجات المتصاعدة.
وبرنامج الأغذية العالمى، كان قد تلقى تصريحات من مفوضية العون الإنسانى فى بورتسودان للسماح لقافلة مساعدات إنسانية بالتقدم إلى الفاشر، لكن ميليشيا الدعم السريع، التى تحاصر الفاشر عاصمة شمال دارفور منذ شهور طويلة، لم تعلن موافقتها على مرور القافلة، ولم توافق على إيقاف القتال للسماح بدخول السلع والمساعدات الإنسانية للمدينة.
وقال مجلس تنسيق غرف طوارئ شمال دارفور، فى بيان رسمى: «تقديراتنا الميدانية فى الفاشر تُشير إلى انعدام شبه كامل للمواد الغذائية الأساسية بنسبة تصل إلى 88%».
وكانت الأمم المتحدة، قد نشرت تقريرا لها فى بداية يوليو الماضى، وكشف التقرير أن 38% من الأطفال دون سن الخامسة فى مواقع النزوح فى الفاشر يعانون من سوء التغذية الحاد، منهم 11% يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.
الخبير السودانى، أشرف كرم الدين، أكد أن دارفور سقطت بنسبة 80% فى يد الدعم السريع، موضحا أن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، هى الوحيدة المتبقية والصامدة ولم تسقط حتى الآن فى يد الدعم السريع فى دارفور.
ولفت الخبير السودانى، إلى أن مدينة الفاشر تعانى من حصار مشدد لمدة تزيد على عام، مشيرا إلى أن المواطنين يعانون من شح كبير فى المواد الغذائية، مع توقف معظم الخدمات الأساسية، مع استمرار القصف العشوائى من الدعم السريع على المدينة.
وأشار كرم الدين، أن الخدمات الصحية فى مدينة الفاشر، تعطلت بشكل شبه كامل، مؤكدا أن الدعم السريع تقصف المستشفيات والمرافق الحيوية، وانعدام خدمات هامة كنقل الدم، مشددا على أن المواطنين يعيشون تحت ظروف بالغة التعقيد من النواحى الإنسانية والخدمية.
وأكد فى حديثه أن الهدف القادم للدعم السريع، هو إسقاط مدينة الفاشر التى تفرض عليها حصارا مطبقا، لأن سقوطها يعنى إحكام سيطرة الدعم السريع الكامل، على دارفور، وهو ما يمكنها من الزحف شرقا لمدينة «الأبيض»، وهى مدينة استراتيجية للتزود بالوقود للطيران والمضى نحو الولايات الغربية، مشيرا إلى أن إسقاط مدينة الفاشر، يعنى الكثير لميليشيا لدعم السريع لتقوية موقفها فى أى مفاوضات مستقبلية على حد قوله.
وأشار إلى أن الدعم السريع، تواصل قصفها المستمر والعشوائى، الذى يودى بحياة المدنيين بشكل شبه يومى، مع عدم إتاحة فرصة للمدنيين لمغادرة المدينة، وذكر أن خروج المدنيين يحتاج لأموال كبيرة حتى تسمح عناصر الدعم السريع لكبار السن والأطفال والنساء بمغادرة المدينة.
وأكد أن ولايات دارفور المختلفة، أيضا تعانى من أوضاع غير مستقرة، وانفلات أمنى فى الكثير من المدن، كما تشهد ارتفاعا كبيرا فى أسعار السلع الأساسية، إلا أنها أفضل حالا من مدينة الفاشر فى جميع الأحوال.
وأوضح أن الدعم السريع، تمارس انتهاكات كبيرة بحق المدنيين فى دارفور، وبشكل خاص فى مدينة الفاشر، التى أصبحت فريسة للقصف العشوائى المستمر، الذى راح ضحيته الآلاف من المدنيين، كما تمارس أعمال السلب والنهب الذى طال الممتلكات الخاصة للمواطنين، وحملة اعتقالات واسعة تنفذها بحق المواطنين.
وأشار إلى ارتكاب العديد من الانتهاكات الجنسية من قبل عناصر الدعم السريع بحق نساء دارفور، والذى وصفها بأنها قوات «سيئة السمعة»، وأشار إلى أن العديد من المواطنين أكدوا أن القوات التابعة للدعم السريع ارتكبت انتهاكات جسيمة وتجاوزات خطيرة بحق المدنيين، وفقا لشهادات مواطنين تحدثوا معه، رغم محاولات الدعم السريع نفى هذه الاتهامات.
وتوقع كرم الدين، التصعيد العسكرى بشكل خاص فى مدينة الفاشر، فى محاولة لإسقاطها، ووفق تحليله أكد أن سقوط الفاشر قريبا، ما لم تحدث مستجدات فى الوضع، وقال: «التصعيد العسكرى حاليا هو فى مدينة الفاشر التى تتمركز فيها قوة من الجيش السودانى، التى تقاوم بضراوة، وبذلك معركة الفاشر ستكون معركة تكسير عظام».
ورجح أن تواصل عناصر الدعم السريع، التقدم شرقا، وأنها لن تتوقف قبل إسقاط مدينة الفاشر، التى تضمن لها فرض السيطرة الكاملة على دارفور.
ومن جهته، توقع اللواء الدكتور أمين إسماعيل مجذوب، خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز البحوث الاستراتيجية فى السودان، وجود تصعيد كبير فى العمليات العسكرية فى الفترة المقبلة، من قبل ميليشيا الدعم السريع، لإسقاط مدينة الفاشر، حتى تستطيع الحصول على موقف تفاوضى قوى فى المستقبل.