الجمعة-20 يونيو - 12:20 ص-مدينة عدن

هنا مات الفرح... وذبلت الحياة .. صورة من زمن الوجع الجميل .. . وأطلال تبكي صمتًا

الخميس - 19 يونيو 2025 - الساعة 05:49 م بتوقيت العاصمة عدن

عدن "عدن سيتي" خاص



ها هي الصورة، تنطق بالحكاية قبل أن يُكتب لها سطر، وها هو البيت، أطلاله تبكي صمتاً، كأن الجدران المهدمة تهمس بأسماء كنا نرددها صغارًا ونحن نركض ونضحك دون أن نعرف أن الزمن يحمل في جعبته فراقاً وألماً.
في هذا المكان، بين هذه الزوايا الطينية المتآكلة، كنا نرسم عوالمنا الصغيرة. أنا وصديق طفولتي عبدالله الأمين العلوي ، وبقية الأصدقاء في منزل والده بمنطقة القشعة حاضرة بلاد العلوي مسقط الرأس ... كانت الضحكة تكفي لتضيء المكان، وكانت الحياة رغم بساطتها أكثر امتلاءً مما نحن عليه اليوم. كنا نلهو دون أن نعرف شيئًا عن الموت، ولا عن الوداع، ولا عن أن البيوت يمكن أن تموت كما يموت أهلها.
ذات يوم، وقبيل مغادرتي للمنطقة للسكن في العاصمة عدن قررت الصعود إلى قمة الجبل المطّل على المنطقة، لا لأبحث عن أحد، بل لألملم شيئًا من ذاكرة بدأت تتلاشى.
قمت بالتقاط العديد من الصور لمنطقتي ومن كل الزوايا غير أن ثمة صورة التقطتها عدسة كاميرتي لم أستطع تجاوزها وأجبرتني على التوقف أمامها بصمت ، صورة لذلك المنزل العتيق ، وقد أضحى بقايا أطلال ، وجدت البيت كما تركه الزمن، بلا روح، بلا دفء. كأن الريح تئن بين أركانه، كأنها تبكي معنا. كل حجر فيه يحمل ضحكة، كل شق في الجدار يحفظ سراً كنا نهمس به ونحن نحتمي من حر الشمس أو برد المساء.
مات والدا صديقي عبدالله، وتفرقت الأسرة، وذبلت الحياة في هذا المكان كما تذبل الزهور حين يغادرها الماء. بقيت الجدران لتشهد أن هنا، في هذا البيت، كانت الطفولة تسكن، وكانت الأرواح خفيفة لا تعرف من الدنيا سوى الفرح.
آهٍ يا زمن، كم قسوت... وكم تركت لنا من وجع في صور كهذه. لكنها رغم الألم، تبقى عزاءً. لأن الذكريات، وإن كانت موجعة، تظل أثمن ما نملك حين يمضي كل شيء.

#غازي_العلوي

متعلقات