الخميس-05 يونيو - 09:24 ص-مدينة عدن

القائد أسعد الجحافي... من خنادق الميدان إلى قمم المجد والتميز...

الثلاثاء - 03 يونيو 2025 - الساعة 12:52 ص بتوقيت العاصمة عدن

الضالع " عدن سيتي " بقلم ـ مهيب الجحافي






القائد أسعد الجحافي... من خنادق الميدان إلى قمم المجد والتميّز


في سجل النضال الجنوبي، تبرز أسماء حفرت مجدها في صخر المعاناة، وسقت جذور الثورة من دمائها الزكية... ومن بين هذه الأسماء، يلمع نجم القائد أسعد الجحافي، فارس الميدان، ورمز الوفاء، وأحد أعمدة الكفاح الجنوبي الذين صنعوا المجد وساروا بثبات على درب الشهداء.

كان من أوائل الشباب الذين انخرطوا في معارك الشرف والكرامة، لا يبتغي مجدًا شخصيًا، بل يحمل همّ وطنه على كتفيه، ويزرع في كل موقع حكاية بطولة تروى للأجيال. سطّر في ميادين المقاومة أروع صور التضحية والفداء، وكان من بناة اللبنات الأولى للمؤسسة العسكرية الجنوبية الحديثة، بسواعده وبصيرته وإيمانه الصلب بعدالة القضية.

في ساحات الحراك، كان صوته يصدح من عمق الجراح، يهزّ جدران الظلم، ويوقظ الوعي الجنوبي، يقود الجماهير كما يقود الجنود في ميادين النار. لم يكن مجرد مشارك، بل كان صانعًا للحدث، محرّكًا للعزائم، مزلزلًا لعروش الطغيان.

شاب عصامي، لا يعرف الهزيمة، ولا يتراجع عن ميدان إلا مرفوع الجبين، مؤمن أن النصر لا يُوهب، بل يُنتزع بالدم والعزيمة. دخل كل معركة وهو يحمل في قلبه الجنوب، وفي يمينه البندقية، لا يطلب جزاءً ولا شكورًا، بل ينشد وطنًا يليق بتضحيات الشهداء.

في معركة 2015 الكبرى، كان في طليعة المقاومين، يذود عن الضالع كصقرٍ جريح لا يعرف الانكسار. واجه رياح الموت بعين ثابتة، وصدر مفتوح، وقلب لا يعرف الخوف. قاتل في الصفوف الأولى، ورسم مع رفاقه لوحة النصر، حتى ارتفعت راية الجنوب على سارية الشموخ.

وحين وضعت الحرب أوزارها في الضالع، لم ينشغل بالغنائم كما فعل كثيرون، بل ظل كما عهدته الجبهات: ببندقيته وضميره، يسابق الخطر في جبهات العند، وأكمة صلاح، وسناح، لا يلهث خلف مكاسب، ولا يلتفت لمغريات. فالشرف عنده أغلى من كنوز الأرض، والوطن أولًا وأخيرًا.

وفي عام 2019، عندما حاولت المليشيات الحوثية العودة إلى مشارف الضالع، كان أسعد الجحافي أول من لبّى النداء، يقاتل كالأسد الهصور، يتنقل بين المواقع دون كلل، حتى دحر العدو وأعاد للضالع هيبتها.

رغم محاولات الإقصاء والتهميش، لم ينكسر، بل ازداد صلابة، لأنه يعلم أن الوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بالإخلاص والتضحية. لهذا، نال ثقة القيادة السياسية والعسكرية الجنوبية، وأسندت إليه مهام قيادية في ألوية البرية الجنوبية بقيادة اللواء الركن أبو طاهر البيشي، ليواصل مشواره نحو بناء مؤسسة عسكرية جنوبية قوية وحديثة.

ولم يتوقف عند ميادين القتال، بل واصل مسيرته العلمية، ليبرهن أن القائد الحقيقي لا يكتفي بصوت الرصاص، بل يتسلّح بالعلم والمعرفة. فالتحق بالكلية العسكرية ضمن دفعة الجامعيين، وتخرّج برتبة ملازم أول بتفوق، ثم واصل دراساته القيادية من دورة قيادة السرايا، إلى دورة قادة الكتائب، وصولًا إلى كلية القيادة والأركان، حيث يواصل دراسته فيها للشهر الثامن على التوالي، متقدّمًا صفوف زملائه، وكأنه يعيد على مقاعد الدراسة نفس الملاحم البطولية التي خاضها في جبهات القتال الجنوبية.

نعم، أسعد الجحافي ليس مجرد قائد عسكري، بل مدرسة نضال متكاملة، ورمز للصدق والإخلاص، من بدايات الثورة، إلى صولات المقاومة، إلى معارك التحرير والبناء. تجسدت فيه صفات القائد الجنوبي الاستثنائي: شجاعة، تواضع، فكر مستنير، وإرادة لا تلين.

ختامًا، نقف إجلالًا لهذا القائد الذي لم يكتب تاريخه بالكلمات، بل بالدم والتضحيات، ولم ينتظر الاعتراف، بل فرضه بأفعاله. إنه من أولئك القلائل الذين يزرعون المجد ويغادرون بصمت، تاركين خلفهم أثرًا لا يُمحى.

متعلقات