جزيرة "سينتينيل الشمالية"، يُمنع الاقتراب منها، ليس لبُعدها ، بل لأن كل خطوة عليها قد تكون الأخيرة...

الأحد - 01 يونيو 2025 - الساعة 08:37 م بتوقيت العاصمة عدن

الهند " عدن سيتي " عبدالرحمن فضل النقيب

جزيرة "سينتينيل الشمالية"، يُمنع الاقتراب منها، ليس لبُعدها ، بل لأن كل خطوة عليها قد تكون الأخيرة...

تخيل جزيرة يُمنع الاقتراب منها، ليس فقط لبُعدها أو لصعوبة الوصول إليها، بل لأن كل خطوة عليها قد تكون الأخيرة... إنها جزيرة "سينتينيل الشمالية"، إحدى أغرب وأخطر الجزر في العالم.

تقع هذه الجزيرة في خليج البنغال وتتبع الهند اسميًّا، لكن الحقيقة أن الحكومة الهندية فرضت حولها منطقة حظر كاملة، تمنع أي شخص من الاقتراب لمسافة تقل عن خمسة كيلومترات، فما السبب وراء ذلك؟

السبب هو أن هذه الجزيرة يسكنها قبيلة بدائية منعزلة عن العالم منذ أكثر من ستين ألف عام، وترفض أي نوع من التواصل مع الحضارة.

أفراد هذه القبيلة يهاجمون كل من يقترب من أرضهم، سواء كان صيادًا ضائعًا أو مستكشفًا فضوليًا. بل حتى مروحية أُرسلت بعد كارثة تسونامي عام 2004 للاطمئنان عليهم، قُوبلت بوابل من السهام أُطلقت من بين الأشجار!

لا يتحدث أفراد هذه القبيلة أي لغة معروفة، ولم يتمكن أحد من فهمهم أو التواصل معهم حتى الآن. رفضهم التام للحضارة جعل منهم آخر مجتمع بشري يعيش في عزلة تامة عن العالم الحديث. إنهم لا يعرفون بوجودك، وإن عرفوا، فلن يهتموا على الإطلاق.

حياتهم بدائية جدًا؛ يعيشون على الصيد والأسماك والنار، لكن لا يُعرف حتى الآن كيف اكتشفوا إشعال النار أصلًا. وإن فكرت في زيارتهم، فأنت لا تخاطر بحياتك فقط، بل قد تواجه عقوبة قانونية، لأن مجرد زيارتك قد تتسبب في كارثة إنسانية؛ فمناعتهم ضعيفة للغاية، وأبسط فيروس مألوف لدينا قد يُفنيهم بالكامل.

هذه الجزيرة تمثل لغزًا حيًا ومرعبًا في آنٍ واحد. فيها حياة اختارت أن تقول "لا" للتطور، "لا" لوسائل التواصل الاجتماعي، "لا" للأجهزة والتكنولوجيا. فيها بشر قرروا أن يبقوا كما هم، كما كانوا منذ آلاف السنين.

جزيرة "سينتينيل الشمالية" ليست مجرد مكان غريب... إنها درسٌ حي، يُظهر أنه رغم كل ما وصل إليه العالم من انفتاح، لا يزال هناك مكان يرفع شعار :
"اتركونا وشأننا".