ٱراء واتجاهات


رمضانيات: لا يُريدونكم أن تصلوا للحُرية.

السبت - 06 أبريل 2024 - الساعة 09:16 م

الكاتب: د . أنور الرشيد - ارشيف الكاتب




بعد تجارب مريرة وطويلة أخذت من عمري قرابة النصف قرن، اكتشفت بها حقائق لا تقبل الجدل ولاشك بأن تلك المسيرة تخللها الكثير من الأخطاء والملاحظات والأوهام والطموحات بالإضافة لبعض نعم لبعض والقليل من النجاحات.

أهم ما اكتشفته بأن الحقيقة تظل حقيقة مهما تم طمسها أو تجاهلها أو محوها بالذات من المخيلة المجتمعية وأهم تلك الحقائق حقيقة الحُرية، فالحُرية قيمة لا تُقدر بثمن وهي مثل الصحة لا يشعر بأهميتها إلا من يفقدها وعليه ومنذو اكتشافي هذه الحقيقة من سنوات وأنا من الداعين والداعمين لها تحت أي ظرف، ولو أن العقل البشري لم يستوعب حقيقة أن الحُرية هي جزء لاتتجزء من الإنسان نفسه لما استطاع العقل البشري أن يصل بنا لما وصلنا له اليوم من تقدم بشري على جميع المستويات، وطبعاً هذا النموذج من الحُرية له أعداء كثر وهم بكل تأكيد أكثر بكثير من من يؤمنون بأن الحُرية هي جزء لايتجزء من الإنسان بحد ذاته وغالباً ما يكون أعداء تلك القيمة الإنسانية هم أصحاب المصالح والمُتنفذين والذين يقتاتون على حساب كتم حُرية مجتمعاتهم تحت مليون حجة وحجة والتي أغليها حجج لأتمت للقيمة الحضارية للحُربة بأي صلة ويحرصون على أن تتناقلها الأجيال دون أن تحاول الخروج من صندوق ماضيها وحاضرها لتفكر بأعظم قيمة امتلكها الإنسان وهذا مابجعل الكثير من المجتمعات جامدة تستنسخ ماضيها وتستنسخ عقول متخلفة وتلد عقول أجدادها بدلا من عقول أبنائها الذين ولدوا بزمن غير زمن أجدادهم وهذا هو الفرق ما بين المجتمعات المتطورة والمتخلفة.

إن قيمة الحُرية عندما يصفونها بأنها قيمة لا تقدر بثمن نعم لا تقدر بثمن لأن لا ثمن لها ولا يشعر ويعرف ثمنها إلا من فقدها، لذلك وبعد الانتهاء من معركتنا الانتخابية البرلمانية وبغض النظر عما إذ نجح أم لم ينجح وبغض النظر عن توجهه وتاريخه وبغض النظر عما إذا كان نازل الانتخابات للتخريب على زيد أو عبيد أو إذا كان نازل لمصلحة شخصية أو إذا كان يمثل توجهاً تتفق أو تتخلف معه وبغض النظر فيما إذا كنت مقاطعاً للانتخابات أم مشاركاً بها كل ذلك ليس مهم المهم ممارستك هذه هي جزء بسيط من ممارستك لحُريتك باختيار قناعتك، وهذه الحُرية ليس كل شعوب العالم تمارسها، فقط الأنظمة المتحضرة هي التي تمارسها مع شعوبها ولا تدعي بأننا من الأنظمة المُتحضرة ولكننا في الطريق طالما استمرينا في ممارسة حُريتنا وديمقراطيتنا، لذلك اليوم العالم مقسم لفسطاطين فسطاط ديمقراطي وفسطاط استبدادي، فأي من الفسطاطين تفضله؟

هنا تمكن الحضارة البشرية التي لايريدونكم الوصول لها.
X:@anwar_alrasheed