ٱراء واتجاهات


الرئيس الرمز والرئيس الموظف

السبت - 24 فبراير 2024 - الساعة 03:09 ص

الكاتب: صالح بامقيشم - ارشيف الكاتب





المجتمعات العربية شديدة التعلق بالرموز ونظريات عبادة الفرد القوي القادر على أن يجمع الناس حوله ويجسد وحدتهم وانصهارهم في مسار وطني موحد ؛ راكمت هذا التصور سنوات طويلة من الاستبداد وتحكم الفرد الزعيم بكل مقدرات الوطن وتسويق صورة نمطية تزرع عنوة في الذهنية العامة حيث تبذل أجهزة الدعاية الرسمية جل وقتها في تلميع صورة القائد وكيل المديح والاشادة بصفاته وقدراته وتسفيه معارضيه والتنكيل بهم وتجويع الشعب وارهابه وسحقه ومحاصرة خياله حتى لايفكر بالتغيير ؛ في الأثناء يقوم القائد باغداق العطايا على المجاميع التي تعمل لمصلحته وتلميع صورته في الشارع وممارسة التخويف من احتمالية مغادرته لموقعه ويؤدي ضعف الوعي وانشغال الناس بتوفير احتياجاتهم إلى هضم فكرة القائد الرمز الأوحد الذي يملك الحلول السحرية والذي تتحول البلاد إلى خراب في حال غيابه

لاشك أن فكرة الرمز قد اهتزت نوعا ما في أعقاب الحراك السياسي والاجتماعي والانتفاضات التي شهدها الوطن العربي في العشرية الأخيرة ولم تعد ذخيرة الدجالين وحملة المباخر بالقدر الكافي لإقناع الناس بالاطروحات القديمة عن تقديس الزعيم وقدراته وفتحت المتغيرات ثغرات في جدار الكبت والوصاية على عقل المواطن البسيط لتتسلل صور اخرى تتحدث عن الرئيس الموظف الذي يصل بإرادة الناس ويستطيعون ليس تقييم أداؤه ومحاسبته بل و نزعه من موقعه عند الضرورة ؛ الرئيس الموظف يمنح صورة مغايرة عن الرئيس الرمز ويغتاله معنويا عند الشرائح الفقيرة لأنه يقوم على خدمة الناس وتلمس مرضاتهم عنه ويخشى غضبهم مؤمنا بأن حدود صلاحياته مقيدة ودوره السياسي مؤقت

مزيد من الوعي والتثقيف وتطوير المشاركة الشعبية في الشأن العام والايمان بالاليات الديمقراطية سيكون مردوده عند الناس نمط تفكير جديد يلغي القائد المناضل الرمز وسطوته وجبروته لمصلحة رجل يشبه كل الناس ويقوم بدور القيادة بشكل أكثر نجاعة وأكثر ارتباطا بالمصالح العامة يحكم عبر المؤسسات ولايستطيع تجاوزها أو تجييرها لمصلحته الذاتية


صالح بامقيشم