محمد بن سلمان ..على خطى هنري الثامن والإسكندر

الأربعاء - 23 أغسطس 2023 - الساعة 02:22 ص

الكاتب: صالح بامقيشم - ارشيف الكاتب

تمرد هنري الثامن على الكنيسة لاسبابه الخاصة ومتطلباته الشخصية بينما يأتي تمرد بن سلمان على المؤسسة الدينية ليستهدف تحديث الدولة مراعاة للسياقات التاريخية والمحافظة عليها بحسب مانفهمه من الخطاب الرسمي والإعلام في المملكة
قامت الدولة السعودية حسب اتفاق الدرعية الشهير على جناحين يمثل الاول الامام محمد بن سعود كسلطة سياسية والشيخ محمد بن عبدالوهاب كسلطة دينية ترغب في استلهام أسس الدين وتنقيته من البدع بحسب التوجهات الوهابية ومنذ ذلك الحين تواتر أمراء آل سعود على إدارة شؤون الحكم وبنفس الكيفية توارث ال الشيخ وهم نسل محمد بن عبدالوهاب على إدارة الشؤون الدينية وربما ليس من قبيل الصدفة أن يأتي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأحد شخصيات اسرة ال الشيخ لإدارة شؤون الرياضة والترفيه وهو تركي ال الشيخ ليؤكد عمق ومدى التحول الذي تشهده المملكة العربية السعودية

تعد تجربة ولي العهد السعودي مغايرة تماما بالنسبة لبيئة تقليدية محافظة تفتح الباب على مصراعيه للانفتاح وتغيير المفاهيم الناظمة للدولة والمجتمع وهو ما يجعلها تجربة تاريخية غير مسبوقة تستهدف تغيير جذري يفتح الباب لتغيير شامل في المناحي التالية :

على المستوى السياسي :
يعمل النظام على تصفية الإقطاع من الأسرة الحاكمة وتقليم اظافره وبناء دولة مركزية تحكمها قوة عمودية مؤهلة لإنجاز التغيير وفي ظل التناقضات الدولية التي نشأت بفعل المرحلة الانتقالية التي يشهدها الكوكب يبدو أن الرياض تسعى إلى التعدد في تحالفاتها بعد أن طال الجفاء مع المركب العسكري الصناعي في الولايات المتحدة الأمريكية او لنقل انتهت العلاقة الحميمة معه كما أن هناك ملامح لتطوير المشاركة الشعبية المتدرجة التي تراعي خصوصية المجتمع في الجزيرة العربية

على المستوى الاقتصادي : يرى بن سلمان أن زمن اقتصاد الريع الذي يعتمد على البترول قد انتهى وهو يقدم من خلال رؤى طموحة إمكانية تعدد مصادر الدخل لتشمل التصنيع وتفعيل خطط الاستثمار والسياحة الترفيهية و الدينية والرياضة وخاصة كرة القدم حيث يشهد الدوري المحلي في المملكة اعلى حركة تنقلات لأهم اللاعبين وكذا تشجيع المشاريع الصغيرة ودفع الشباب إلى سوق العمل

على مستوى الهوية : تبدو السعودية الحديثة ميالة إلى تحصين التماسك الداخلي عبر تسويق فكرة " القومية السعودية " وقد تعزز هذا الخطاب ضمن مصفوفة من المغذيات النفسية في احتفالات العيد الوطني التي كانت مهملة واشتملت على طقوس تعبر عن الاعتزاز بالانتماء الوطني في الآونة الأخيرة بشكل يتجاوز الحزازات الصغيرة التي تميز اي مجتمع تقليدي كما شهدنا هذا بوضوح في تعبيرات الشعب السعودي إبان مونديال كأس العالم 2022 التي تألق فيها المنتخب السعودي

يرى البعض أن نزيف الرياض المالي بسبب حرب اليمن وفشل السعودية في الوصول إلى غاياتها والإدارة السيئة التي تسببت في معاناة اليمنيين ستكون لها تداعياتها الباهظة وسيظل الملف اليمني مقلقا وجالبا للمتاعب مع ضعف الدولة وتعدد الكانتونات غير المستقرة والمليئة بالمليشيات . إلا أن أي صدام مع دولة مؤثرة وجارة سيكون في غاية الحماقة خاصة بالنسبة للجنوبيين أو بالأحرى المجلس الانتقالي ومن يؤيده والافضل من هذا هو اتباع طريق التسوية والحوار

على حافة الوطن :

يعتمد بن سلمان على تنظير الفيلسوف والمفكر تركي الحمد والغذامي كما كان الاسكندر يعتمد على استاذه أرسطو أما قيادات هذا البلد البائس جنوبا وشمالا فيجلسون مع الورعان والبلهاء ليصنعوا تصوراتهم للواقع ورؤاهم تجاه المستقبل

شاهد أيضًا