السبت-04 مايو - 07:29 م-مدينة عدن

ٱراء واتجاهات


هيام.. في الذكريات المحبوكة

الأحد - 06 نوفمبر 2022 - الساعة 11:15 م

الكاتب: محمد الخضر المحوري - ارشيف الكاتب




تمضي قطارات العمر سريعا إلى وجهاتها وأنا هنا في المحطة العتيقة ألتحف الحزن المرير، وأقتات على بقايا ذكريات، تلوح في قاع الكاس الفارغة.
لمحات خاطفة لصور مشوشة تأتيني من نافذة الماضي، تهصر وقوفي الآيل للسقوط.

أقاوم كورقة خريفية صفراء وسط اجتياح مدمر لعاصفة شرسة، أتمسك بشيء ضئيل في روحي المتعبة يسمى المقاومة.

وحدي لا أملك إلا نفسي وأنا وهذا الخواء الفارغ الممتد إلى اللانهائيات، وشيئا آخر، استحيي من ذكره، ولا أحب إظهاره حتى لا يتسرب شيء منه إلى العلن، فيزداد، وحينها قد تجرؤ الكلاب على اشتمامه، وهو ما لن يكون في صالحي.

لم أعرفه من سابق، كنت أسمع به، وأشاهده، كنت في مأمن منه، حتى غادرت وتركتني وحيدا في المحطة العتيقة، حينها نام على مقربة مني، وأخذ يلازمني على الدوام، وكلما حاولت التخلص منه عاد مرة أخرى، وكأنه يريد مني تقبله كأمر عادي، مع أني في الحقيقة أمقته حقا، لكن لا بأس ساتصرف حيال هذا الضيف الثقيل بأي حيلة تبعده عني، لأني لا أريد أن أبدو ضعيفا.



يستنزف قواي المتهالكة زمهرير الفقد الجارف وأنا ما لا زلت بعد في خطوات رحيلي الأولى، أحن لكل شيء تعود جذوره إلى الماضي، استرسل في إقفائتي المشربة بحلم طازج من كيمياء حضورك، أهيم في فلوات الذكريات المحبوكة من ألق تفردك.

لا أسمح لنفسي بالبقاء كثيرا حتى لا تكتسح التنهدات قلاع صبري، أدرك أن قليلا من الذكرى قد يسمح لك بالتجول بحرية مقيدة، وأن كثيرا منها قد يجذب نحوك الهوام التي لن تقوى على صدها..

محاولة إقناع نفسي بتقبل الفكرة في حد ذاتها مغامرة مجنونة، قد لا استفيق من مخاطرها، لكن العيش في متاهات الخداع هدر للروح في انتظار ما لا يعود، وبين هذا وذاك سأظل أراوح مكاني دون نتيجة، نادبا حظي العاثر، ونفسي المكلومة.
أوقاتكم جميلة