السبت-04 مايو - 02:00 م-مدينة عدن

ٱراء واتجاهات


إنسانية لا تخبو

الجمعة - 24 فبراير 2023 - الساعة 12:12 ص

الكاتب: محمد الخضر المحوري - ارشيف الكاتب


إنسانية لا تخبو

من المؤكد أنه صادفك في حياتك أناس مختلفون، أغلبهم متفاوتون في القدرات والمهارات بنسب لا ترتقي إلى لفت الإنتباه فضلا عن التميز المصحوب بالإعجاب، لكن هذا الحشد لن يخلو من إعجاب يخطفه شخص ما، أثار إعجابك بتميزه في زاوية ما، في مجال ما.

هذا الإعجاب والتقدير الذي حظي به لم يأت من فراغ، هو مقابل شيء ما امتلكه، وجعله مختلفا بصورة لا يشبه فيها أحدا آخر حتى أنك أمام ما تميز به تشعر أنه ليس كالناس العاديين....صحيح أنه بشري-وهنا تكمن المفارقة- لأن ما يقوم به يعجز عنه البشريون، ما لديهم لا يكفي للوصول إلى مستواه، أو لأن يكونوا مثله حتى أنت لا تزعج نفسك بالمحاولة؛ لأن الأمر يتجاوز حدود إمكانياتك....
من المؤكد أن عينات من هذا النوع قد مرقت في حياتك، وحظيت-بكل تأكيد-بنصيب وافر من الإعجاب والتقدير حتى لو لم تعرب لها عن ذلك.

بالنسبة لي أعجبت بأشخاص كثر، كنت أرى تميزهم مثيرا للدهشة والإبهار، يظل هذا الإعجاب حبيس في نفسي، لا أبوح به، لكنني اليوم وعلى غير العادة رغبت في ظهوره، وهذا الذي يجب أن يكون عليه الأمر...

بمجرد ذكر مكتب الشؤون التعليمية بجامعة عدن عند أي شخص سبق وأن تابع هناك سيتذكر اسم الأستاذة ندى صدقة على الفور، وبلا شك سيؤكد مصداقية إشادتي.

في بدايات التحاقي بجامعة عدن تعسر الأمر علي، بالتالي كثر ترددي على مكتب الشؤون التعليمية، أحيانا لمجرد السؤال عما آلت إليه المتابعات..وخلال ترددي لفت نظري كثرة المترددين وزحمة الملفات والمتابعات، والدخول والخروج، ومن المعلوم أن مثل هذا الضغط يولد كراهية العمل والتصرف بنوع من التبرم أو على أقل تقدير بعض اللامبالاة، وهذا في حد ذاته أعني التصرف بنوع من اللامبالاة فقط يعد نبلا في ظل ظروف ضاغطة...

وفي ظل هذا الجو العاصف، الباعث على الاختناق، المتكرر كل يوم تصادفك الأستاذة ندى صدقة بمعاملة لا يمكن أن تصفها إلا بأنها على مستوى عال من الطيبة والإحسان واللطف، دون أن يتغير شيء منها أو يتبدل، يكاد المكتب أن يلفظ من فيه من الزحام وتظل هي على تلك الدرجة العالية من الطيبة واللطف، لا تبدي هذه الدرجة العالية من الإنسانية لأشخاص دون أشخاص، الكل سواء، حتى لو لم تكن معروفا، حتى لو كانت المرة الأولى التي تلتقيها فيها....
تجيء بعد ثلاثة أيام، وبعد أسبوع، وبعد شهر، وبعد سنة، وبعد سنتين وهي ذات الشخص الذي يقطر إنسانية ولطفا وطيبة، تحار حقيقة أمام ذلك الكم الهائل من الإنسانية في روحها، تتعجب فعلا من تلك الطاقة الجبارة التي لم تستنزفها الملفات والمعاملات والدخول والخروج....حتى تتساءل في نفسك وأنت غارق في لجج الانبهار والإعجاب..إيمكن لبشري أن يكون بهذه القدرة؟
ألا تمل هذه المرأة؟
ألا يصيبها السام من كثرة المراجعين؟
أي قلب تحمل حتى تصل إلى هذا العلو والسمو؟
لا تملك حقا أمام هذا إلا الإعجاب والتقدير والدعاء لها....
هي حقا بشرية لكنها ليست عادية، إنها من أولئك الذين يزرعون في أعماقنا الإعجاب والتقدير والانبهار

محمد الخضر المحوري