السبت-10 مايو - 07:42 ص-مدينة عدن

ٱراء واتجاهات


دراما من عدة فصول.. أنا الجريح الجنوبي والناشط الحقوقي الذي ناضل لأجل الجنوب، فتخلّت عنه قيادته حين انتصروا

الخميس - 08 مايو 2025 - الساعة 01:44 ص

الكاتب: أسعد أبو الخطاب - ارشيف الكاتب




في المشهد الجنوبي المعقّد، حيث اختلطت دماء المناضلين بنوايا السياسيين، كنت هناك.. لم أكن مجرد شاهد على الحكاية، بل كنت أحد الذين صنعوها، فصلًا بعد فصل، بوعيٍ حاد، وإيمانٍ لا يتزحزح بعدالة القضية الجنوبية.. أنا الجريح الجنوبي، الناشط الحقوقي، الذي نطق باسم الجنوب حين كان الصمت هو القانون، ووقف في وجه الطغيان حين كانت الرصاصة هي الرد الوحيد على الكلمة.

حملت القضية على ظهري يوم كانت تهمة.. تكلمت عن استعادة الدولة الجنوبية يوم كانت جريمة.. ناضلت في الشوارع، في الساحات، وفي تقارير الحقوق، ودفعت الثمن من جسدي.. أصابتني رصاص من قوات النظام السابق.. ظننت يومها أن الجرح هو نهاية المعركة، لكني كنت مخطئًا.. الرصاصة لم تكن النهاية، بل كانت البداية فقط لفصل أكثر قسوة.. فصل الخذلان.

الخذلان لم يأتِ من الخصوم هذه المرة، بل من أولئك الذين ناديت بأسمائهم في خنادق الثورة.. من القيادة الجنوبية التي جلست اليوم على مقاعد السلطة، وأدارت ظهرها للمناضلين الحقيقيين.. كنت أعتقد أن دماء الجرحى لا تُنسى، وأن النضال لا يُمحى، لكني اليوم أعيش واقعًا مختلفًا... واقعًا يُكافأ فيه المنافق، ويُنسى فيه الشريف.

لم تُخصص لي منحة علاجية، لم يُلتفت إلى مناشداتي، لم يُعترف بي حتى كجريح. وكأن إصابتي كانت عبثية، وكأن نضالي لم يكن جنوبيًا بما يكفي.. وكأن الجرح الذي في جسدي لا يعادل شيئًا أمام جرحٍ أكبر في الكرامة.. كرامة المناضلين الذين أُسقِطوا من حسابات السلطة بعد أن تحقق لها "نصرها المزعوم".

أتساءل بحرقة:

هل أصبح النضال لعنة؟

هل صار الوقوف ضد نظام صنعاء تهمة؟

هل الدولة التي حلمنا بها تُبنى فوق جراح من صمّت أصواتهم؟
هل الجنوب الذي حلمنا به هو الجنوب الذي يخون أبناءه بعد الانتصار؟

أنا اليوم لا أبحث عن مكرمة.. لا أريد صدقة سياسية، ولا أطلب مجدًا من ورق.. أطالب فقط بالحد الأدنى من الوفاء.. أطالب باعترافٍ بأننا لم نكن أدوات، بل شركاء في المعركة، ودُفِعنا خارج المشهد حين آن أوان الجني.

إن كنتم تظنون أن الجرحى سينسون، أو أن المناضلين سيموتون في الظل، فأنتم لا تعرفون الجنوب.. الجنوب ليس هو الخرائط، بل هو تلك الصدور التي واجهت الرصاص.. الجنوب ليس هو الخطابات، بل هو أولئك الذين ما زالوا يمشون بعكازات الألم حاملين الحلم على أكتافهم.

ختامًا:
إذا كانت مكافأة الوفاء هي الإقصاء، فليشهد التاريخ أن من صمتوا اليوم، كانوا ذات يوم من كتبوا أول سطور الكرامة الجنوبية.